القاعدة -4- فكل قرين بالمقارن يقتدي

فكل قرين بالمقارن يقتدي

تعتبر الصحبة من أهم العوامل التي تساعد في نمو الطفل نفسيا كان أم اجتماعيا، وذلك من خلال تأثيرها المباشر في عاداته و سلوكياته، وكل إنسان بحاجة ملحة إلى من هم في عمره كي يقيم معهم علاقة صداقة، حيث تتشابه الميول و الأهواء و يصبح بمقدوره أن ينمو معهم نموا سليما.

إن الصحبة نمط علاقة و قالب اجتماعي لا يكاد ينفك عنه تاريخ الإنسان، فهو مصدر من مصادر تربيته و عرفته وانسه وسروره ومواساته و معاونته، وهو ذو اثر كبير في حياة المرء النفسية و الاجتماعية ... و الرفقة مطلب نفسي لا يستغني عنه الإنسان وخصوصا في رحلة المراهقة، وبوجود الرفقة المنسجمة يتم قضاء الأوقات وتبادل الآراء و الخبرات و بث الآمال و المشاركة في الأحاسيس و المشاعر .

فالإنسان كما نعلم كائن اجتماعي بطبعه، و للتعارف بين الناس أشكاله المتعددة، كالزواج و الصداقة، و الإخوة، إلى غيره من الأمور.

قال تعالى ((يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)).

وقد أوضح الزير وشراب أن جماعة الرفاق تلعب دورا كبيرا في التأثير على شخصية الأبناء، فالصحبة الصالحة ترفع بالأبناء إلى القيام بالسلوكيات الصحيحة و إلى النجاح في الحياة الدراسية، أما السيئة فتقذف بالأبناء إلى الانحراف من جهة و إلى التأخر الدراسي من جهة أخرى .

وقد ورد في سورة يوسف عليه السلام إشارة إلى الرفقة بمعنى العصبة، قال تعالى (( إذ قالوا ليوسف و أخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا في ضلال مبين )) أي إخوة يوسف العشرة، والذين عقدوا اتفاقهم و زينت لهم النفس لهم النفس الأمارة بالسوء قتل أيهم الصغير، وبعد ذلك اجمعوا على إلقائه في غيابة الجب.

ولقد ذكر الصابوني في معنى العصبة: جماعة، وقال الفراء ما زاد على العشرة، و العصبة و العصابة العشرة فصاعدا... ونحن جماعة ذو عدد نقدر على النفع و الضر بخلاف الصغيرين(يوسف و أخوه).

ومن الضروري بمكان الإشارة إلى أهمية الإخوة و الأقران في حياة الطفل ، ذلك أن هذه العلاقة تساهم في تنمية سلوك الاتصال و التعلم و اكتساب المهارات السلوكية الاجتماعية التي تترك أثرها الهام في حياته.

و يشير ارجايل إلى أن كثيرا من النتائج أوضحت أن من لهم عدد اكبر من الأصدقاء أو من يقضون وقتا أطول مع أصدقائهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة .

و نجد أن رأي إخوة يوسف عليه السلام لم يكن على قلب رجل واحد، إذ أشار البعض إلى قتله، إلا أن بعض منهم لم يهدف إلى التخلص منهم، فقد رأى أن يلقى في الجب، وهذا الأمر يدعونا إلى أن طبيعة العصبة أو الشلة قد تنساق و تنجر وراء القائد أو الشخص المؤثر مما ينجم عنه كثير من المشكلات و الانحرافات لهؤلاء الأبناء، فالعواطف تنمو بالمجالسة و التأثير على الأفراد يكون كبيرا،إذا ما نظر إلى تأثير العصبة في شخصيتهم و سلوكهم، وإذا كانت العلاقة بين الإخوة الكبار و الصغار طيبة، فان أثرها الايجابي ينعكس على صغارهم ذلك أن أول رفقة للطفل ذات أهمية كبيرة في حياته إذ توفر له الفرصة الفاعلة للتنشئة الاجتماعية لتنمية قدراته المختلفة و تقوده إلى الأنشطة و الألعاب المختلفة التي توفر له الطمأنينة و الأمن وتصقل شخصيته بما يمدها من عناصر القوة و البناء.

حيث أن الصحبة لها من الأهمية في حياة الأبناء الكثير، وعندما أجريت دراسة على الشعور بالوحدة تبين منها أن معدل تردد الطالبات على الأطباء للشكوى من عدد كبير من الاضطرابات كان اقل إذا كانت هناك علاقة ذات نوعية جيدة من الأصدقاء، و كانت معدلات أمراضهن اقل بوضوح الصداقة الحميمة والبوح بما في النفس.

و يحسن بنا اختيار الصداقة الطيبة الكريمة، وذلك لما للصديق من تأثير واضح في شخصية المرء و أخلاقه، و كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)).

وروى أبو موسى الأشعري – رضي الله عنه – إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إنما الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير، فحامل المسك أما يحذيك، وأما أن تبتاع منه، وأما أن تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما إن تجد منه ريحا نتنة )).

قال الشاعر:

عن المرء لا تسل و سل عن قرينه ................. فكل قرين بالمقارن يقتدي.

إن الشباب الصغار يقاطعون مجتمع الكبار و يتجهون لتشكيل بيئات و ثقافات خاصة بهم لها لغتها و رموزها ، وفق نظام قيم مختلف عن نظام الكبار، حيث أن المراهقين يتجهون إلى الشركاء المقربين ممن هم في السن نفسه للحصول على الأمن و التأييد بوسط مجتمعات الكبار البعيد عن عالمهم و أحاسيسهم و مشكلاتهم.

وإذا فلنشجع العلاقة الايجابية بين الإخوة أو الأصدقاء و لنساعد أبناؤنا عي اختيار الصالح منها، و لتكن علاقتنا بأصدقاء أبنائنا علاقة طيبة رحيمة تبنى على الاحترام و التقدير، و تجدر الإشارة إلى أن مشاركة الأبناء أو أصدقاء الطفل يدعم الثقة و يجعل المربي يتعرف على قيم و أفكار و اهتمامات و أنشطة هؤلاء الأصدقاء و يوجهها نحو الأهداف السامية الخلاقة .

| | |

» القاعدة-3- ادعوهم باسمائهم
» القاعدة -2- من قصة يوسف - جنبهم الغيرة و الحسد