القلق والتوتر وكيفية ضبط الأعصاب*..‬

هل تساءلنا* ‬يوما لماذا* ‬يساورنا القلق دائما من امر ما لا نعلمه ولا نعرف سببه؟ قد تفيق صباحا فتحس بأن قلبك مقبوض* ‬يعتصره الخوف والترقب خوفا من شيء خفي،* ‬وتظل تبحث وتبحث علك تصل الى اعماقك،* ‬فتضع* ‬يدك على العلة فترتاح إلا انك* ‬غالبا ما تخفف في* ‬ذلك*. ‬ويصادف في* ‬كثير من الاحيان ان عملية البحث والمراجعة الذاتية توصلك الى ان سبب هذا القلق امر بسيط جدا عكر عليك مزاجك وقلب موازينك،* ‬وقد* ‬يكون هذاالامر ضئيلا مقارنة بحجم الهم والقلق الذي* ‬يسببه لك،* ‬فقد* ‬يرتاح قليلا أو قد* ‬يستمر معك إلى ان تغطيه ببسمة وفرحة خارجة من اعماق القلب*.‬

قد* ‬يكون سبب هذا الهم الكبير كلمة بسيطة سمعتها من شخص معين*. ‬اثرت فيك واقلقتك لما تعنيه من معان سلبية نحوك،* ‬ولما تحكمه من نوايا لم تكن تعتقدها فيه،* ‬أو نظرة تحمل معاني* ‬الحقد أو التوعد من انسان تعرف انه* ‬يكن لك نوايا* ‬غير مخلصة،* ‬أو حتى سلوكاً* ‬بعيداً* ‬اصابك في* ‬الاعماق من الناحية الانسانية والاجتماعية*.‬

هل جربت مرة ان تبدأ فور الاحساس بضيق مفاجئ بالبحث داخليا عن سبب ذلك عن طريق استعادة سلسلة الاحداث التي* ‬مرت بها منذ بداية اليوم الى اللحظة التي* ‬انت بها،* ‬حيث انك بالتأكيد ستشعر بنفس الشعور الذي* ‬دفعك الى ذلك عند الوصول الى السبب المباشر؟

ان النفس الانسانية شفافة ومرهفة مهما كان صاحبها قاسيا او شديدا او صارما،* ‬إلا ان النوع الاخير* ‬ينجح دائما في* ‬تخطي* ‬كثير من المشاعر التي* ‬لا* ‬يمكن للانسان العادي* ‬المرهف ان* ‬يتخطاها ويتعداها،* ‬دون ان تبدو واضحة على تقاسيم وجهه ومن ثم على سلوكه مباشرة،* ‬فالانسان القاسي* ‬درب نفسه على ان لا تطغى كل هذه المؤثرات على سلوكه،* ‬وألا* ‬يعيرها أي* ‬اهتمام حتى* ‬يظهر بالصورة التي* ‬يحرص ان* ‬يبدو عليها امام الآخرين دائما،* ‬اما الانسان المرهف فهو من لا حول له ولا قوة،* ‬ولا* ‬يد له في* ‬كل ما* ‬يسمعه أو* ‬يشاهده فالطريق سالكة دون أي* ‬معوقات من أذنه إلى قلبه ومنه إلى وجهه فينفضح امره فورا،* ‬فيلحظ الآخرون ذلك دون ادنى صعوبة*.‬

ان عملية التظاهر بعكس ما* ‬يشعر به المرء في* ‬لحظات حرجة وحساسة،* ‬هي* ‬فن لا* ‬يتقنه الكثيرون وبعض الاشخاص* ‬يستطيعون بكل بساطة التظاهر بالبرود والهدوء وسط عوامل الاثارة التي* ‬يمكن ان تفجر بركانا خامدا،* ‬وهذا طبعا* ‬يكون على حساب الاعصاب التي* ‬تحترق من الداخل دون ان تعطي* ‬الفرصة لنفث دخانها الى الخارج عن طريق التعبير عن الغضب والثورة في* ‬مثل هذه المواقف*.‬

وكثيرون لا* ‬يملكون هذه الميزة،* ‬فيخفقون دائما في* ‬السيطرة على اعصابهم عند اول اختبار* ‬يتعرضون له امام الآخرين،* ‬الذين* ‬غالبا ما* ‬يعرفون نقط ضعفهم فيستثمرون ذلك جيدا ضدهم،* ‬وغالبا ما* ‬ينجحون في* ‬ذلك فتسجل النقط لصالحهم تباعا،* ‬وهذا النوع من البشر أي* ‬الذي* ‬لا* ‬يملك السيطرة على اعصابه أقل معاناة من النوع الأول المسيطر إزاء هذه المشكلة التي* ‬نتحدث عنها وهي* ‬القلق،* ‬الذي* ‬لا* ‬يعرف سببه لأن شخصياتهم تفرغ* ‬ما بداخلها فورا ودون أي* ‬تأجيل،* ‬فلا* ‬يبقى مكان لمحاسبة النفس عن سكوتها امام ما أثارها وما أحرق اعصابها فلا ترسبات تذكر من جراء ذلك*.‬

ان عملية تطويع النفس وتدريبها على تهدئة الامور وتبسيطها مهما كانت الاسباب،* ‬فن اتمنى ان ننجح جميعا في* ‬اتقانه*.‬
وكما قال احد الفلاسفة* »‬اذا كانت المشكلة ستحل حتما فلا داع للقلق اما اذا كان الحل مستحيلا فلا داع للقلق ايضا لأنه لا فائدة من ذلك*«.‬