هذا ما تحقق وما لم يتحقق في لعبة "خذ وطالب"
هل تجني مسيرة السبت ثمارا لفائدة الزوالية؟
سياسيون يختزلون المطالب في "البوليتيك".. وأولوية المواطنين حل مشاكلهم اليومية
إختلاف مواقف الطبقة السياسية حيال الإحتجاجات والمسيرات عموما، ومسيرة اليوم خصوصا، تعكس تخالف الرؤى ووجهات النظر والتحليل المتعلق بالملفات الواجب غلقها والملفات الواجب فتحها، وبين مساند ومعارض ومنسحب ومحايد، يرسم مراقبون علامات إستفهام وتعجب، أمام "المطالب الحقيقية" للمتمسّكين بالخروج للشارع، وحقيقة إنسحاب البعض منها، ومبرّرات معارضتها من طرف أحزاب وأطراف أخرى، رغم تصنيف نفسها ضمن قائمة "المعارضة".
وفي ظلّ الخلاف والإختلاف بشأن مسيرة اليوم، ومبدأ الخروج للشارع كطريق لتحقيق "التغيير"، يرى مراقبون أن السلطات العمومية إستجابت على مراحل، للإحتجاجات الشعبية، من خلال الإعلان عن إجراءات وقرارات، تقول "المعارضة" أنها ترقيعية ومفروضة من طرف الشارع، فيما ترى "السلطة" أنها استجابة لمطالب مشروعة رفعها المواطنون.
ومن بين المطالب التي رفعها "زوالية"، وأخرى ناضل من أجلها سياسيون وحقوقيون، وتم الإعلان عن تلبيتها:
1- تكليف رئيس الجمهورية، الحكومة، خلال آخر إجتماع لمجلس الوزراء، بالتحضير لرفع حالة الطوارئ، "في أقرب الآجال"، وهي المهمة التي تم إنعقاد من أجلها مجلس وزاري مشترك، وتمّ تشكيل فوج عمل لرفعها دون إستبدالها بقانون لمكافحة الإرهاب.
2- أوامر رئاسية لتوزيع ما توفر من سكن إجتماعي فورا، مع تعجيل إتمام وإنجاز مشاريع السكن الترقوي والتساهمي والريفي.
3- تعليمات لفتح التلفزيون ووسائل الإعلام العمومية أمام الأحزاب المعتمدة وتغطية نشاطاتها السياسية، وفتح قاعات العاصمة للتجمعات والترخيص للمسيرات خارج العاصمة.
5- الإعلان عن 5 صيغ لمحاربة البطالة وتسيير ملف التشغيل، وتحريره من المحسوبية والبيروقراطية ومناصب شغل على الورق فقط.
6- رفع "التجريم" عن المسؤولين بهدف تحرير المشاريع المعطلة والمجمّدة نتيجة الخوف من توقيع وثائق وصفقات كان موقعوها يخشون إنتهاءهم بسببها في السجن أو الفصل والمتابعة القضائية، مع مواصلة محاربة الفساد وملاحقة المفسدين.
7- الإعلان عن "إجراءات شعبية" بعد ما إصطلح عليه بـ "ثورة السكر والزيت" في الخامس جانفي الماضي، شملت تحديدا تخفيض أسعار السكر والزيت، من خلال إلغاء الرسوم الجمركية والضريبية، وإستمرار دعم الدولة للخبز والحليب والدقيق والفرينة، إلى جانب تقليم أظافر المحتكرين و"اللوبيات" وتنظيم السوق، وتدعيم هذه التدابير بالإعلان عن تخفيض أسعار مواد إستهلاكية أخرى.
8- الإفراج عن الموقوفين في الإحتجاجات التي تحوّلت إلى أعمال شغب وتخريب واعتداءات، قبل أن يترحم رئيس الدولة على أرواح الضحايا، وأكد في مجلس الوزراء، أن ما حدث كان تعبيرا عن درجة اليأس والقنوط.
9- توجيه أوامر للأميار ورؤساء الدوائر والولاة، بوقف عمليات الهدم وإستقبال المواطنين والإستماع لإنشغالتهم على مدار كلّ أيام الأسبوع، وكذا تخفيف الوثائق على بعض الملفات الرسمية.
هذه، بعض الإجراءات الإجتماعية والقررات السياسية، التي تمّ الإعلان عنها، لامتصاص غضب الشارع والإستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين، لكن "معارضين" وأحزابا وسياسيين وحتى مواطنين، مازالوا يرون أن ذلك ليس كافيا ويقترحون إجراءات أخرى، بينها:
1- رفع الحظر عن المسيرات السلمية في العاصمة.
2- فتح أكثر لوسائل الإعلام ودعم الحريات السياسية والنقابية.
3- إعتماد الأحزاب غير المعتمدة، ومراجعة قانون الأحزاب والإفراج عن قانوني الولاية والبلدية.
4- إجراء تعديل أو تغيير حكومي "جذري" يهدف إلى ترتيب الأوراق وإعادة توزيع الحقائب وفق "دعه يعمل اتركه يمرّ"، بدل إقتصارها على توزيع "كوطات" لفائدة ثلاثي التحالف الرئاسي وتدوير رئاستها عليه.
5- إلغاء العمل بالتحالف الرئاسي بعد تقييم أدائه وحصيلته، خاصة فيما يتعلق بتطبيق برنامج رئيس الجمهورية.
6- إجراء إنتخابات محلية وتشريعية مبكّرة، لإعادة ضبط عمل البرلمان والمجالس البلدية والولائية.
7- إعتماد مبدأ "التوزيع العادل للثروات".
..هذه بعض "الإقتراحات" الصادرة عن أحزاب وتنظيمات وشخصيات، يُلاحظ أنها مطالب "سياسية" في أغلبها، ورغم لجوء السلطات العمومية، إلى الإعلان عن سلسلة من إجراءات التهدئة وحتى "التنازلات"، فإن الزوالية يظلون بين الخطين المتوازيين، يتمسّكون بتلبية مشاكلهم اليومية، ويرفضون إستغلالها وركوبها من طرف "خلاطين" وإنتهازيين ومنتفعين، قصد تصفية حسابات وجني ثمار لا يعرف المواطن طعمها ولا لونها ولا يهمّه المطبخ الذي أعدّت فيه ولا الطبّاخ الذي حضّر توابلها!