من آدم إلى التحاق الرسول الخاتم
سيدنا محمد -صلوات الله عليه وسلامه- بالرفيق الأعلى، كان الله تعالى يوصل
رسالاته إلى الشعوب بواسطة المرسلين من الأنبياء - عليهم السلام- نكتفي
بالذكر منهم الرسل أولي العزم، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم
الصلاة والسلام- ولما ختمت رسالة الله إلى الناس برسالة الإسلام الصالحة
لهداية الإنسان في كل زمان ومكان، أوكل الله تعالى مهمة ترشيد الناس إلى
الصراط المستقيم إلى العلماء الذين ورثوا النبوة، إذا أوتوا عهدا أمينا،
وعلما صحيحا، على نحو ما برر به نبي الله يوسف- عليه السلام- طلبه من عزيز
مصر أن يسند إليه وزارة الاقتصاد في الآية 55 من سورة يوسف
}...اجْعَلْنِي
عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ{.ويدعم
تولي العلماء القيام بمهمة الترشيد إلى الصراط القويم، بعد الرسل، نصوص
إسلامية كثيرة، اكتفي بذكر حديثين نبويين مشهورين هما:
أولا
الحديث الذي رواه الإمام ابن ماجة -رحمه الله- في سننه عن كثير بن قيس
قال:" كنت جالسا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل، فقال: يا أبا
الدرداء! أتيتك من المدينة، مدينة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لحديث
بلغني أنك تحدث به عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، قال: فما جاء بك تجارة؟
قال: لا. قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا. قال: فإني سمعت رسول الله –صلى
الله عليه وسلم- يقول:"
من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله
له طريقا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب
العلم يستغفر له من في السماء والأرض. حتى الحيتان في الماء، وإن فضل
العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء،
إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم. فمن أخذه، أخذ
بحظ وافر".
والحديث الثاني الذي رواه الحاكم
وأبو داود -عليهما رحمة الله- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله
–صلى الله عليه وسلم- قال:"
إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس
كل مئة سنة من يجدد لها دينها ".
أهلية
علماء الجزائر للقيام بوراثة الأنبياء
إن
أحسن من يعبر عما امتاز به علماء الجزائر في الاضطلاع بمهمة التوجيه
الإسلامي الصحيح على أحسن وجه ممكن ما قاله في شأنهم الرئيس الأول لجمعية
العلماء المسلمين الجزائريين ومؤسسها الإمام الرباني الشيخ عبد الحميد بن
باديس –عليه رحمة الله- في التنويه بهم في خطابه يوم ختمه لتفسير القرآن
الكريم تدريسا، سنة 1938 بقسنطينة، مشيدا بفضلهم عليه في تكوينه العلمي
والعملي في أداء واجبه إذ يقول:" ثم (الفضل) لإخواني العلماء الأفاضل الذين
آزروني في العمل من فجر النهضة إلى الآن، فمن حظ الجزائر السعيد ومن
مفاخرها التي تتيه بها على الأقطار أنه لم يجتمع في بلد من بلدان الإسلام،
فيما رأينا وسمعنا وقرأنا، مجموعة من العلماء وافرة الحظ من العلم، مؤتلفة
القصد والاتجاه، مخلصة النية، متينة العزائم، متحابة في الحق، مجتمعة
القلوب على الإسلام والعربية، قد ألف بينها العلم والعمل –مثل ما اجتمع
للجزائر في علمائها الأبرار، فهؤلاء هم الذين وري بهم زنادي وتأثل بطارفهم
تلادي، أطال الله أعمارهم ورفع أقدراهم.
خير
خلف لخير سلف
هذا؛ وأداء لواجب الوصية النصوح أقول:" فما على أبناء وأحفاد جمعية العلماء
الأولين إلا أن يسلحوا أنفسهم بالعلم الصحيح والإخلاص في أداء مهمتهم نحو
شعبهم أولا والأمة العربية الإسلامية ثانيا والإنسانية جمعاء ثالثا متحصنين
بالوحدة الواعية المتينة وحذرين من الأهواء الشخصية والمكائد العدائية
الحاقدة المدمرة التي فتكت وما تزال تفتك بكثير من المنظمات والتشكيلات
العربية الإسلامية في الوطن وخارجه، حتى يصونوا المجد الذي حققه الشهداء
والمجاهدون والمناضلون لهذه الأمة البارة لدينها ولغتها وتاريخها باسترجاع
حريتها واستقلالها "، وبذلك يكونوا –بحول الله- خير خلف لخير سلف والله ولي
الوارثين الصالحين المصلحين.
عبد الرحمن شيان