أحمد أويحيى وزيرا أول وحكومة جديدة بلا بوكرزازة
م.صالحي
إلغاء وزارة الاتصال وتعين عز الدين ميهوبي كاتب دولة مكلف بالأتصالعين أمس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وزيرا أولا وأعضاء حكومته مع إدخال تعديل جزئي على تشكيلتها، وذلك مباشرة بعد إصدار الرئيس أمس السبت لمرسوم تعديل الدستور وتقديم رئيس الحكومة استقالة حكومته، تكيفا مع مضمون تعديل الدستور الأخير، الذي يلغي منصب رئيس الحكومة ويستبدله بمنصب وزير أول، مع تكليفه بإعداد خطة عمله الخاصة بتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية وعرض في اجتماع مجلس الوزراء استعدادا لعرضها على المجلس الشعبي الوطني ثم على مجلس الأمة.
وكما كان منتظرا وسط أطياف الطبقة السياسية والرأي العام الوطني، فان الرئيس استعجل تكييف تطابق السلطة التنفيذية مع الأحكام الجديدة للدستور، رغم أن القانون الداخلي للجنة البرلمانية المشتركة المشرفة على عملية التصويت على التعديل أمهلت الرئيس 30 يوما لإصدار التعديل، وبادر بتوقيع مرسوم التعديل بعد مرور 48 ساعة، مجددا ثقته في رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، لخوض مهام أول وزير أول في أول تطبيق تعديل الدستور 96، وهو المنصب الملغى منذ دستور 89، في حين لم يتضمن التعيين الجديد أي إشارة لنائب أو نائبين أو أكثر للوزير الأول لمساعدته في أداء مهامه، كما تجيز له ذلك الفقرة السابعة من المادة 77، حيث يكون قد اكتفى بشخص أحمد أويحيى فقط، وهو مؤشر على الثقة الكبيرة التي يتمتع بها أويحيى لدى الرئيس، وما تكليفه بتمثيله في مهام دولية حساسة إلا تعبير عن هذه القناعة، فضلا عن الدور الذي لعبه أويحيى في تمرير مشروع تعديل الدستور، كمسؤول عن الجهاز التنفيذي، إلى جانب أدائه كأمين عام لـ "الأرندي" وكسياسي محسوب على تيار "الديمقراطيين" رغم انتمائه إلى التحالف الرئاسي.
ولعل أهم تغيير سجله إجراء التطابق مع الدستور داخل السلطة التنفيذية، وتعيين الوزير الأول وأعضاء حكومته هو تنحية وزير الاتصال عبد الرشيد بوكرزازة، والذي كان يمارس في نفس الوقت مهام الناطق الرسمي باسم الحكومة وبصفة أسبوعية دورية عقب انعقاد كل مجلس حكومة، مع إلغاء الوزارة في حد ذاتها، واستبدالها بكتابة لدى الوزير الأول ، وعين عز الدين ميهوبي، مدير الإذاعة الوطنية، الصحفي والشاعر والأديب، كاتب دولة مكلف بالاتصال، والذي مارس عدة مسؤوليات سامية منها نائب بالمجلس الشعبي الوطني عن التجمع الوطني الديمقراطي، كما كان رئيسا لاتحاد الكتاب الجزائريين ورئيسا لاتحاد الكتاب العرب.
وبينما أبقى الرئيس على أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني ،عبد العزيز بلخادم، كوزير دولة، ممثلا لشخص رئيس الجمهورية، أعاد تعيين رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، كوزير دولة، ومن شأن استمرار أبو جرة في هذا المنصب أن يعمق الأزمة داخل الحركة، حيث جددت أصوات معارضة مطالبتها إياه بالتنازل عن مناصب المسؤولية في الدولة، كشرط لإعادة الأمور إلى مجراها داخل الحزب، والتي بلغت درجة من التأزم أصبح معها عودة الاستقرار من الأمور المستبعدة رغم حسم المجلس الشوري وتدخل تنظيم الأخوان العالمي للتهدئة، بعد تمرد مجموعة من النواب والقيادات.
م.صالحي
بينما اقتصر التعديل الحكومي الجزئي على إلغاء وزارة الاتصال بوكرزازة يغادر الحكومة وسط جدل حول هوية مرشحه لرئاسيات 2009 أثار إجراء تنحية وزير الاتصال، عبد الرشيد بوكرزازة، مع الإبقاء على كل أعضاء الحكومة في التشكيلة الجديدة المعينة تبعا لتعيين أحمد أويحيى وزيرا أول، بناء على استشارة الرئيس للوزير الأول، بما في ذلك وزراء كانوا محل انتقادات لاذعة من قبل الطبقة السياسية والرأي العام، الكثير من الأسئلة في الوسط الإعلامي، والمجتمع السياسي، والذي راح يجتهد في محاولة للتوصل إلى قراءة موضوعية للقرار وخلفياته.
وقد انطلقت هذه الأستفهامات المطروحة من تسجيل أداء بوكرزازة الجيد في حكومتي عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى، وعدم وقوعه في أية هفوة أو خطأ سياسي رغم مواجهته الأسبوعية للصحافة الوطنية في ندوات صحفية مفتوحة وخوضه في مسائل حساسة جدا، كالأوضاع الأمنية، والإضرابات الاجتماعية، ملف الأجور، والقضايا الدبلوماسية، وتنشيطه لهمزة وصل بين الصحافة والرأي العام والسلطات العمومية، وتمترسه مع الصحفيين وانشغالاتهم المهنية والاجتماعية، وخاصة من خلال استصداره للقانون الأساسي للصحفي، وتحضير البطاقة الوطنية للصحفيين، وسعيه الفعلي للتكفل بقضية إسكان الصحفيين.
وذهبت التقديرات استحضار ماضي الوزير عبد الرشيد بوكرزازة في تعامله مع حدث الانتخابات الرئاسية الأولى في 99، وإعلانه عن تخندقه مع المرشح المنافس لبوتفليقة مرشح "الأفلان" والإجماع مولود حمروش، وقيادته لأركان حملته الانتخابية، مع الحديث عن اهتمامه المبالغ فيه باطارات محسوبة على مولود حمروش في العديد من المؤسسات التابعة لقطاع الاتصال وهذا على الرغم من الرفض المتكرر لهذه التعيينات على مستوى رئاسة الجمهورية مما عزز الشكوك بأن الوزير له مرشح آخر يعمل له ليس بالضرورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو أنه يرغب في تعزيز حضور ومكانة إطارات المرشح مولود حمروش في مختلف مؤسسات الدولة التابعة للقطاع.
من جهة أخرى، ذهبت قراءات إلى أن تقدير أحمد أويحيى ساهم في اتخاذ مثل هذا القرار، انطلاقا من بيان رئاسة الجمهورية الذي أكد أن تعيين أعضاء الحكومة كان بناء على استشارة الوزير الأول، والذي يكون قد فضل التعامل مع شخصية تنتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي، يضع فيها ثقته الكاملة نظرا للدور الراهن لوسائل الاتصال في نقل أعمال الحكومة ومؤسسات الدولة عموما وتعبئة الرأي العام، خاصة وأن مهمة الاتصال ألحقت بالوزارة الأولى ولم تعد هيئة مستقلة، كما كانت من قبل.