أكبر كارثة مصرفية في تاريخ أمريكا وخلافات تؤجل تبني خطة الإنقاذ

واشنطن: بعدما بدا مرجحا التوصل إلى اتفاق حول خطة إنقاذ القطاع المصرفي بين الإدارة الأمريكية والغالبية الديموقراطية في الكونجرس، عاد التشاؤم وخيم في واشنطن من جديد بعد أن أعلنت "هيئة الرقابة على الادخار" التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية عن أكبر كارثة في تاريخ الولايات المتحدة المصرفي ، حيث أعلنت السيطرة على مصرف "واشنطن ميوتشيوال" (وامو)، الذي تزيد أصوله على 300 مليار دولار.

كما أعلنت الهيئة عن التوصل إلى اتفاق مع العملاق المصرفي "جي بي مورجان تشيز" لتملّك (وامو) ،الذي يتخذ من مدينة سياتل في ولاية واشنطن مقرا له، في صفقة بلغت قيمتها 1.9 مليار دولار.

ووفقا لما أوردته صحيفة "الحياة" اللندنية قدرت مصادر حي المال (وول ستريت) الخسائر المتوقع أن تلحق بالمستثمرين الأمريكيين والأجانب، لاسيما المصارف المركزية من حملة الأسهم الممتازة وسندات المصرف المنهار بنحو 30 مليار دولار، مما يشكل كارثة جديدة بعد خسارة ما قيمته 120 مليار دولار من السندات غير المضمونة المستحقة على عملاق صناعة الاستثمار المصرفي الأمريكية "ليمان براذرز" إثر إخفاقه الأسبوع قبل الماضي.

وكان النائب الأول لمدير صندوق النقد جون ليبسكي قد أطلق تحذيراً مجلجلاً حول التطورات المتلاحقة التي شهدتها أزمة قطاع المال الأمريكي في الأسبوعين الأخيرين، واصفاً تداعياتها بـ "تحركات زلزالية لم تشهد نظم المال العالمية لها مثيلاً من قبل".

ولم يكتف ليبسكي بتعديل خسائر الأزمة المالية العالمية صعوداً إلى 1.3 تريليون دولار فحسب، بل أكد على أن جانباً مهماً من الأزمة الراهنة يعود إلى "تضخم قطاعات المال في بعض البلدان، وأن ليس كل المؤسسات المتعثرة يمكن إنقاذها".

وأرجع مدير هيئة الرقابة جون رايك تفاقم أزمو (وامو) إلى إقدام عملائه على سحب نحو 17 مليار دولار من ودائعهم منذ منتصف الشهر الجاري، إضافة إلى هبوط سوق السكن الذي كان له أثر بالغ في أداء محفظة الرهون العقارية لدى المصرف مما نتج عنه ثلاثة فصول متتالية من الخسائر، بلغت حصيلتها 6.1 مليارات دولار".

وانضم (وامو) بذلك إلى قافلة من ضحايا أخطر أزمات "وول ستريت" منذ الكساد الكبير، شملت للآن مصرف "آندي ماك" ، حجم أصوله 40 مليار دولار، انهار في يوليو الماضي وعدد من المصارف الصغيرة إضافة إلى المصارف الاستثمارية الخمسة الكبرى التي غيّر انهيارها وأفولها خريطة قطاع المال الأمريكي إلى الأبد.

ومن جانبه أعتبر "جي بي مورجان" الصفقة، التي تنحصر في الاستحواذ على ودائع "وامو" وأصوله وجزء محدود من التزاماته (ديونه) وتستثني السندات غير المضمونة والأسهم الممتازة، إنجازاً عظيماً.

وأفاد في بيان أن الكيان الجديد سيكون له أصول تزيد على تريليوني دولار ويمتلك ثاني أكبر شبكة فروع في أميركا (5400 فرع) في 23 ولاية يقطنها 42% من سكان الولايات المتحدة، وتشمل للمرة الأولى بالنسبة إلى "جي بي مورجان"، ثلاث ولايات هي كاليفورنيا وفلوريدا وواشنطن.

ولفت "جي بــي مورجان" إلى نيته خفض قيمة محفظة الرهون العقارية للمصرف المستحوذ عليه بمقدار 31 مليار دولار، اعتبرها ما تبقى من خسائر الرهون المتعثرة. لكنه توقع أن تبدأ العمليات المصرفية لـ "وامــو" بتحقيق الأرباح مباشرة وأن تساهم في زيادة أرباحه بما يصل إلى 50 سنتاً للسهم في العام المقبل.

ووفقا لما أراودته صحيفة "الأنوار" اللبنانية جدد الرئيس الأمريكي جورج بوش التأكيد على الحاجة الماسة لسرعة إقرار خطة إنقاذ القطاع المصرفي ،قائلا أن هناك خلافات حول عدد من جوانب خطة الإنقاذ لكن ما من خلاف على إن بعض الأمور الأساسية يجب القيام بها)، وذلك غداة فشل الاجتماع غير المسبوق الذي عقده بوش في البيت الأبيض حول الأزمة المالية وضم المرشحين الديموقراطي أوباما والجمهوري ماكين بالاضافة الى زعماء الكونجرس من كلا الحزبين.

ويرجع تاريخ "وامو" الذي يتخصص في الرهن العقاري وبطاقات الائتمان والخدمات المصرفية التي يقدمها إلى عملائه من أفراد وشركات صغيرة، إلى ما يزيد عن قرن ونصف، إلا أنه خضع لرقابة الهيئة نهاية 1988 ،وقد شهد توسعات عملاقة عن طريق صفقات التملك والدمج بين 1996 و 2002، ليصبح أكبر المؤسسات الادخارية في أمريكا، بامتلاكه 2200 فرع مصرفي منتشرة في 15 ولاية، ويضم 43 ألف موظف، وبلغ حجم ودائعه منتصف السنة الجارية 188 مليار دولار.

هذاوقد فشلت الإدارة الأميركية والغالبية الديمقراطية في الكونغرس في التوصل إلى اتفاق بشأن خطة لإنقاذ النظام المالي الأميركي، فيما اعترف الرئيس جورج بوش باستمرار الخلافات بشأن الخطة لكنه قال إن ذلك لن يمنع من التوصل لاتفاق في نهاية الأمر.

وفي تصريحات مقتضبة للصحفيين في البيت الأبيض، قال بوش إن هناك خلافات على بعض جوانب الخطة التي وضعها وزير الخزانة هنري بولسون وتنص على ضخ 700 مليار دولار في النظام المصرفي، معتبرا في الوقت نفسه أنه لا يوجد خلاف بشأن وجوب اتخاذ إجراء واضح لمواجهة الأزمة.

وحرص بوش على أن يبدو متفائلا حيث قال إن الحزبين الجمهوري والديمقراطي سيتكاتفان من أجل تخطي الأزمة، مؤكدا أن الولايات المتحدة تمر بمشكلة كبيرة وعليها التحرك سريعا.

من جانبها عبرت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي عن أملها في التوصل إلى خطة لإنقاذ النظام المصرفي الأميركي في غضون 24 ساعة شرط موافقة الجمهوريين عليها، في حين توقع رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد التوصل لاتفاق قبل أن تفتح الأسواق مجددا الاثنين.
جهود مكثفة
وأكد ريد أن مجلس النواب سيستمر في العمل حتى التوصل لاتفاق، علما بأنه كان من المفترض أن يتوقف عن العمل الجمعة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وفي تطور آخر قام ديك تشيني نائب الرئيس بإلغاء رحلات داخلية من أجل المساعدة في مشروع القانون المنتظر خاصة أنه يستطيع بصفته نائبا للرئيس الإدلاء بصوته لترجيح إحدى الكفتين في حالة تساوي الأصوات في اقتراع مجلس الشيوخ على مشروع القانون.

وكان البيت الأبيض شهد الخميس اجتماعا غير مسبوق بشأن الأزمة المالية حضره بوش والمرشحان لخلافاته وهما الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين إضافة إلى زعماء الكونغرس من كلا الحزبين، دون أن يسفر ذلك عن التوصل إلى اتفاق.

تفاقم الأزمة
يأتي ذلك فيما صدرت مؤشرات جديدة على تفاقم الأزمة المالية مع إغلاق مصرف واشنطن ميوتشال الأميركي فضلا عن تزايد القلق في الأسواق حيال تعثر خطة الإدارة الأميركية لإنقاذ القطاع المصرفي.

ويلوح الجمهوريون بمخاطر نشوب أزمة عامة ويضغطون في اتجاه إقرار الصيغة الحالية لخطة بولسون الرامية لتخليص المصارف من ديونها المشكوك في تحصيلها بواسطة الأموال العامة، في حين يدعو الديمقراطيون إلى إرفاقها بإجراءات لمساعدة الأسر.

وذهب الرئيس بوش في حديثه عن الأزمة الحالية إلى حد الحديث عن "اقتصاد في خطر" وعن "مرحلة لا سابق لها بالنسبة للاقتصاد الأميركي"، وذلك على أمل إقناع الكونغرس في الوصول إلى توافق بأسرع ما يمكن.

وقد امتدت الأزمة الأميركية لتلقي بظلالها على معظم أنحاء العالم، حيث اعتبرها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إيذانا بنهاية اقتصاد السوق الحر، داعيا إلى إصلاح النظام الرأسمالي العالمي بعدما كشفت الأزمة الحالية ثغرات خطيرة في الأنشطة المصرفية العالمية.

» على مشارف كارثة في غزة بسبب اغلاق المعابر
» القاهرة تبني جدارا آخر على الحدود البحرية مع غزة
» عاجل : أمريكا قامت بتحـريف القراّن الكريم
» عصام العريان على أمريكا وإسرائيل أن تدركا أن ساعة التغيير قد حانت'
» جمعة الله أكبر