ستتجه أنظار الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم إلى النمسا وسويسرا خلال الفترة من السابع حتى التاسع والعشرين من حزيران/يونيو 2008، وذلك لمتابعة 16 منتخباً من أبرز وأعرق منتخبات كرة القدم في العالم وهي تتنافس من أجل هدف واحد وهو إحراز اللقب الأوروبي الأغلى لقب "بطل كأس أمم أوروبا لكرة القدم".
ومع ما تعج به هذه المنتخبات من نجوم أمثال البرتغالي رونالدو والفرنسي تيري هنري والإيطالي فابيو كانافارو والإسباني فرناند توريس والهولندي رود فان نيسترلوي والألماني مايكل بالاك وغيرهم وغيرهم من النجوم، سيضمن الجميع مشاهدة 31 مباراة مليئة بالإثارة والمتعة والمنافسة الملتهبة. فبطولة كأس أمم أوروبا هي بمثابة كأس عالم مصغرة لا ينقضها سوى البرازيل والأرجنتين، مع كافة الاحترام لمنتخبات قارات أميركا الشمالية وأفريقيا وآسيا.
ومع المفاجأة التي حققتها اليونان في النسخة الثانية عشرة من البطولة عام 2004 بتتويجها بطلة لأوروبا، أصبح من المستحيل استبعاد أي منتخب مشارك في النهائيات من المنافسة على اللقب، فالجميع يملك الإمكانيات لذلك والفاصل في نهاية المطاف سيكون المجهود المبذول من قبل اللاعبين في المستطيل الأخضر على مدار كل 90 دقيقة حتى صافرة الختام في المباراة النهائية.
النمسا/سويسرا 2008 تقدمت النمسا وسويسرا رسمياً بعرض مشترك لتنظيم النسخة الثالثة عشرة من كأس أمم أوروبا "يورو 2008" في الخامس عشر من آب/أغسطس عام 2001، وأشارت بعض التقارير حينها أن تكلفة العرض تجاوزت المائة مليون دولار أمريكي.
ونجح الملف النمساوي السويسري في الفوز بحقوق التنظيم في 12 كانون الأول/ديسمبر 2002 بعد أن حصل على النسبة الأعلى من أصوات اللجنة التنفيذية للإتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، وسط منافسة من عرض مجري، وعرض مشترك بين اليونان وتركيا وآخر مشترك بين اسكتلندا وأيرلندا، وعرض رباعي بين أربع دول اسكندنافية هي السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا، كما كان هناك عرض من روسيا وآخر مشترك بين كرواتيا والبوسنة، ولكنهما لم يتجاوزا المرحلة الأولى من التصويت.
ومقارنة مع بقية العروض بدا العرض النمساوي السويسري هو الأفضل بدون منازع بفضل العديد من النقاط الإيجابية التي شملت موقع البلدين الجغرافي والبنية التحتية والمنشئات الرياضية والإمكانيات المادية والخبرة التنظيمية.
فموقع الدولتين في وسط أوروبا سيسهل على آلاف المشجعين حضور البطولة خاصة مع وجود شبكة ممتازة من الطرق والمواصلات تربطهما ببقية أنحاء القارة، كما أنهما يملكان بينة تحتية غاية في التطور وشبكة مواصلات داخلية ممتازة ومنشئات رياضية متكاملة، بالإضافة لأعداد كافية من الفنادق وأنظمة اتصالات متطورة.
بالإضافة لذلك تتميز النمسا وسويسرا بنسبة عالية من الأمن الداخلي مقارنة مع العديد من الدول الأوروبية، كما أنهما يملكان خبرة عريضة في تنظيم البطولات الكبرى خاصة بطولات الرياضيات الشتوية، حيث نظمت سويسرا من قبل الأولمبياد الشتوية مرتين في مدينة سانت مورتيز، كما نظمتها النمسا مرتين في مدينة إنسبروك.
بالإضافة لذلك نظمت سويسرا من قبل نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 1954 بمشاركة 16 منتخباً، كما أن مدينة زيوريخ هي المقر الرسمي للإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والإتحاد الأوروبي "يويفا".
يذكر أن النمسا كانت قد تقدمت من قبل بعرض مشترك مع المجر لتنظيم نهائيات كأس أمم أوروبا 2004 ولكن البرتغال تفوقت عليهما وحصلت على حقوق تنظيم البطولة.
وستقام نهائيات يورو 2008 على ثمانية ملاعب بواقع أربعة ملاعب في النمسا وأربعة في سويسرا.
أكبر هذه الملاعب هو ملعب إرنست هابل في العاصمة النمساوية فيينا وهو يتسع لأكثر من 50 ألف متفرج وسيستضيف سبع مباريات منهم المباراة النهائية، أما بقية الملاعب النمساوية فهي "تيفولي نوي" في إنسبروك، و"فورترزي" في كلاغنفورت و"فالس زيتسنهايم" في سالزبورغ.
في المقابل سيكون أكبر الملاعب السويسرية هو "سانت ياكوب بارك" في بازل حيث سيستضيف 6 مباريات منهم جميع مباريات المنتخب السويسري في الدور الأول ومباراة من الدور نصف النهائي، في حين ستكون بقية الملاعب السويسرية هي، ملعب سويسرا في العاصمة برن وملعب جنيف في جنيف وملعب ليتزيغروند في كلاغنفورت. التصفياتأجريت قرعة النهائيات في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير 2006 وبالطبع تم منح الدولتين المنظمتين مقعدين مباشرين في النهائيات، في حين تم تقسيم 50 منتخباً تقدموا لدخول التصفيات على سبع مجموعات، بواقع ست مجموعات تضم كل منها سبع منتخبات، بينما ضمت مجموعة واحدة ثمانية منتخبات، على أن يتأهل أول وثاني كل مجموعة مباشرة للنهائيات.
وعلى مدار حوالي عاماً ونصف تابع الملايين حول العالم 306 مباراة في التصفيات جاءت معظمها مليئة بالمتعة والإثارة نظراً لارتفاع مستويات معظم المنتخبات الأوروبية، وبذل لاعبو الخمسين دولة الكثير من العرق والجهد من أجل منح بلادهم مقعداً في النمسا وسويسرا، ولكن في النهاية كان لا بد من تأهل 14 منتخباً فقط ليتذوق في المقابل مشجعو ولاعبو وإداريو 36 منتخباً طعم الحسرة والألم.
ولعل أكبر الخاسرين كان المنتخب الإنكليزي الذي أضاع فرصة التأهل بخسارته آخر مباراة على أرضه ووسط جماهيره أمام نظيره الكرواتي، ليغيب عن النهايات للمرة الأولى منذ عام 1984.
أما أبرز الغائبين الآخرين فكانتا الدنمارك بطلة أوروبا عام 1992 وأوكرانيا التي وصلت لربع نهائي كأس العالم 2006، كما لا يمكن أن ننسى منتخبات أخرى قدمت عروضاً قوية في التصفيات ولم يحالفها الحظ وهي اسكتلندا التي صارعت إيطاليا وفرنسا حتى اللحظات الأخيرة وأيرلندا الشمالية التي أحرجت منتخبي السويد وإسبانيا وتصدر مهاجمها دافيد هيلي ترتيب هدافي التصفيات.قرعة النهائياتأجريت قرعة نهائيات يورو 2008 في احتفالية رائعة احتضنتها مدينة لوسيرن السويسرية في الثاني من كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.
وقد شهدت الاحتفالية مشاركة العديد من نجوم الكرة الأوروبية الذي أمتعوا الملايين من عشاق كرة القدم على مدار العقود الماضية.وجاء التوزيع على أساس نتائج المنتخبات في تصفيات كأس العالم 2006 وتصفيات يورو 2008، ولكن مع اختيار كل من النمسا وسويسرا (الدولتين المنظمتين) واليونان (حاملة اللقب) وهولندا (الأفضل في التصنيف) كرؤوس مجموعات، كانت كل الاحتمالات تؤكد وقوع منتخبات أوروبية كبرى معاً في مجموعة واحدة.
وبالفعل أوقعت القرعة هولندا بطلة عام 1988 مع إيطاليا بطلة العالم الحالية وفرنسا بطلة أوروبا 2000 والعالم 1998، ورومانيا معاً في المجموعة الثالثة.
في الوقت نفسه أفلتت ألمانيا من مجموعة الموت وحلت في المجموعة الثانية مع النمسا صاحبة الأرض وكرواتيا وبولندا، بينما كانت منتخبات إسبانيا وروسيا والسويد من نصيب اليونان حاملة اللقب في المجموعة الرابعة، وضمت المجموعة الأولى سويسرا صاحبة الأرض وتركيا والتشيك والبرتغال.
نظام البطولةتم تقسيم المنتخبات الستة عشرة في النهائيات على أربع مجموعات، بواقع أربع منتخبات في كل مجموعة.
يتم منح كل منتخب في الدور الأول ثلاث نقاط لكل فوز ونقطة واحدة لكل تعادل، وفي حالة تعادل فريقين في النقاط تتم المفاضلة بينهم عبر نتيجة لقاءهما معاً، فإذا استمر التعادل يؤخذ بفارق الأهداف، ثم عدد الأهداف المسجلة، ثم تصنيف الفريق في قرعة النهائيات، ثم نسبة اللعبة النظيف، فإذا استمر التعادل يتم إجراء قرعة.
يتأهل أول وثاني كل مجموعة إلى الدور ربع النهائي الذي تقام مبارياته بنظام خروج المغلوب.
في حالة انتهاء المباريات بالتعادل بدءا من الدور ربع النهائي وحتى المباراة النهائية يتم لعب وقتين إضافيين مدة كل منهما 15 دقيقة، وفي حالة استمرار التعادل يتم اللجوء لركلات الترجيح.
لا تلعب مباراة تحديد مركزين ثالث ورابع في كأس أمم أوروبا.
"يوروباس" و"يوروباس غلوريا" "يوروباس" هو اسم الكرة التي ستلعب بها مباريات البطولة، وقد تم كشف النقاب عنها خلال حفل إجراء قرعة النهائيات في مدينة لوسيرن السويسرية في كانون الأول/ديسمبر 2007.
و"يوروباس" من إنتاج شركة أديداس الألمانية، التي أكدت أن الكرة الجديدة تمنح اللاعبين قدرة أكبر على التحكم فيها وتوجيهها في جميع الأحوال الجوية.
وتم اختيار اللونين الأبيض والأسود ليكونا اللونين الأساسيين في الكرة الجديدة من أجل إضافة الطابع الكلاسيكي عليها، مع العلم أن الشركة الألمانية استخدمت في صنعها أحدث تكنولوجيا متوفرة في الربط الحراري بين 14 طبقة مع استخدام مادة الـ "بي إس سي" في صناعة الطبقة الخارجية للكرة وهي المادة التي تعطي اللاعبين قدرة أكثر على التحكم فيها.
وفي تقليد جديد على البطولات الكبرى أعلنت اللجنة المنظمة في 30 نيسان/ابريل 2008 عن نسخة أخرى من الكرة أطلق عليها اسم "يوروباس – غلوريا" ستخصص للمباراة النهائية فقط من البطولة في التاسع والعشرين من حزيران/يونيو. ويغلب على هذه الكرة اللون الفضي والاسم "غلوريا" يعبر عن المجد الذي سيناله المنتخب الفائز في المباراة النهائية.