بقلم: د. رشاد لاشين لا شك أن الشخصيات الناجحة التي تصنع الحياة وتقود الأمة لا تبدأ فجأة، ولكن غرس الطفولة وبذل السنين يؤتي ثماره بعد حين، وإذا حسُن التأسيس قوي البنيان وشمخت أركانه في السماء، ومَن يصنعه الله على عينه ييسِّر له أسباب النجاح ويحرس سفينته لتشق طريقها في وسط العواصف وعباب الأمواج، إلى غاية هو رسمَها، وطريق هو اختارها بعنايته ورعايته سبحانه، الذي يختار لهذه الأمة على رأس كل مائة عام مَن يجدد لها أمر دينها، وكان من بين هؤلاء الإمام الشهيد حسن البنا، الذي نوضح فيما يلي العوامل والمؤثرات والظروف التي ساهمت في صناعة شخصيته في مرحلة الطفولة وساعدت على تكوين الطفوله المتميزة التي صنعت فيما بعد الإمامة الرائدة:
المؤثرات الاجتماعية والبيئية
الاسم: حسن أحمد عبد الرحمن البنا.
مكان الميلاد: قرية المحمودية، محافظة البحيرة بدلتا النيل، مصر.
يوم الميلاد: يوم الأحد 25 شعبان سنة 1324هـ= الموافق 14 أكتوبر سنة 1906م.
الجد: عبد الرحمن البنا.. كان فلاحًا أصيلاً ابن فلاح من صغار الملاَّك، من أسرة ريفية متوسطة الحال من صميم الشعب المصري، كانت تعمل بالزراعة في إحدى قرى الدلتا هي قرية "شمشيرة" (قرب مدينة رشيد الساحلية) ومطلة على النيل في مواجهة بلدة إدفينا، تابعة لمركز فوة التابع لمديرية الغربية سابقًا ومحافظة كفر الشيخ حاليًا)، وعمل كل أبنائه بالزراعة فيما عدا أبنه الأصغر "أحمد" والد الإمام حسن البنا.
الجدة: لها فضل على الإمام الشهيد لحرصها على تعليم ابنها الأصغر أحمد "والد الإمام حسن البنا" فنشأ نشأةً أبعدته عن العمل بالزراعة؛ تحقيقًا لرغبتها وحرصها على أن يحصِّل أحد أبنائها العلم، فالتحق بكتاب القرية ثم ترقَّى في مراحل التعليم.
|
والد الإمام الشهيد حسن البنا |
الأب: الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا (أصغر أبناء عبد الرحمن البنا).. اتجه اتجاهًا علميًّا برعاية والدته، فالتحق بكتاب القرية؛ حيث حفظ القرآن الكريم وتعلَّم أحكام التجويد، ثم درس بعد ذلك علوم الشريعة في جامع إبراهيم باشا بالإسكندرية، والتحق أثناء دراسته بأكبر محلٍّ لإصلاح الساعات في الإسكندرية؛ حيث أتقن الصنعة، وأصبحت بعد ذلك حرفةً له وتجارةً، ومن هنا جاءت شهرته بـ"الساعاتي"، وكان "أحمد عبد الرحمن البنَّا" من العلماء العاملين وقد عمل إمامًا لمسجد القرية ومأذونًا لها، وكان محبًّا للعلم والقراءة، وكان يصرف معظم وقته في الاطِّلاع والتصنيف، وقد أهَّل نفسه ليكون من علماء الحديث الشريف، فقد رتَّب معظم أسانيد الأئمة الأربعة على أبواب الفقه، فألَّف عدة كتب لخدمة السنة النبوية، منها "بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن"، و"الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني"، و"بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني" وقد كان الشيخ يعتبر نفسه من تلامذة الإمام محمد عبده.