تعتبر حقبة هامة من تاريخ الجزائر
ما لا يعلمه الجزائريون عن مملكة كوكو أو عرش ''آث القاضي''
خرجت إحدى أهم الحقبات بمنطقة القبائل من كتب التاريخ ليتم تسليط الضوء عليها بمبادرة من المحافظة السامية للغة الامازيغية ، حيث تمثل ''مملكة كوكو'' فترة متميزة من ماضي الجزائر، بعد أن تمكنت من صد الأطماع الإسبانية وضمن على مدار قرنيين من الزمن الأمن لسكان القبائل باعتبار أنها كانت تمتد من حدود مملكة آيت عباس شرقا بجاية حاليا إلى غاية ولايتي الشلف والبليدة، وبالرغم من أن آثارها لا تزال قائمة إلى أرشيفها قابع بالدول الأوروبية وهو ما دفع بالكثير من المؤرخين للمطالبة بضرورة استرجاع هذا الإرث والاستفادة منه لبعث تاريخ مملكة تمكنت من الحفاظ على وجودها على مد العصور، بالرغم من كل التهديدات الأجنبية، ومع ذلك يبقى الكثير من الجزائريون حتى المثقفون منهم يجهلون لا نقول أسرار ولا تفاصيل نشأة وبقاء مملكة كوكو بل يجهلون وجودها أصلا•
آثار المملكة •• ومضات شاهدة من التاريخ

لا تزال آثار مملكة كوكو شاهدة إلى اليوم بولاية تيزي وزو وتنم عن عراقة أهل هذه المنطقة التي تأسست بسفوح جبال جرجرة الشامخة من سنة 0151 لغاية 7671 ، وتم خلال هذه الفترة تشييد عدة أبراج في أماكن عدة كتازغارت سيباو بوغني وبرج تيزي الذي أصبح ابتداء من القرن السابع عشر مركزا عمرانيا، حيث أنشئ هذا الأخير سنة 0461م لمراقبة السهول المحيطة به، بقايا هذه المملكة التي جاءت لصد العدوان والأطماع التركية والإسبانية لا تزال شاهدة، من خلال قرية كوكو حيث صنفت منطقة كوكو ضمن التراث الوطني المحمي من أجل حماية التراث المادي وحفظه من الضياع والاندثار•

خبايا قصة مملكة كوكو

بالرغم من أنها جزء هام من تاريخ الجزائر في القرن 61 عشر غلا أنه لم تحظى بالشهرة، حيث وجدنا أن الكثير من الجزائريين لا يعرفون حتى بوجود هذه المملكة كفترة تاريخية مؤثرة، وإن عرفوا فلن يكون تحديد المكان الذي تواجدت به سهلا، ولا يتعلق الأمر بالمواطن البسيط فحسب، بل يمكن أن نضيف لهم عدد هام من المثقفين، تأسست مملكة كوكو أو عرش اث القاضي في القرن السادس عشر ميلادي على يد أحمد الغبريني الملقب بابي العباس الغبريني، أرسله والده إلى المشرق العربي ليتزود بالعلوم الشرعية في إحدى جامعاتها، ولقب بأبي العباس الغبريني، وبعد عودته للوطن عمل كمدرس في إحدى زوايا بجاية، ليستدعيه أحد ملوك الحماديين طالبا منه تولي شؤون القضاء، نظرا لما انتشر عنه من علم وادي امتد خلاله صيته لخارج بجاية، وأطلق عليه اسم آث القاضي نسبة إلى القاضي الغبريني ببجاية حيث كان له آنذاك منزلة خاصة•
ومباشرة بعد انهيار المملكة توجه أحد المستشارين إلى سي أعمر من عرش اث القاضي إلى كوكو حيث تولى تسيير جيوش القبائل، حيث كانت المملكة تمتد من حدود مملكة آيت عباس شرقا بجاية حاليا إلى غاية ولايتي الشلف والبليدة، قبل أن يقتل من طرف أخيه صصسي احمد'' الذي استولى على السلطة وأملاكه، بعدها قامت أرملة سي أعمر الذي دفن بقرية تزيط الواقعة بافرحونان بالسفر إلى أهلها بتونس وهي حامل واستقرت هناك وأنجبت طفلها ''حند'' ثم تزوجت من أحد وزراء الباي التونسي الأصل، مما سمح لحند تعلم أصول فن الحرب تحت إمرة زوج أمه، ليقرر العودة إلى جرجرة بغرض الانتقام من مقتل أبيه حيث طلب من زوج أمه تزويده بترسانة عسكرية ليسترجع مملكة أبيه المغتال ليرحل بعدها من كوكو إلى آث غبري التابعة لمدينة اعزازقة والتي حكم فيها مدة زمنية، بعدها استقر هناك وخيّر أتباعه من الجيش التونسي بين البقاء معه في المملكة أوالعودة إلى موطنهم الأصلي، ليختار الجند البقاء مع حند والاستقرار بقرية تسمى بمقنيعة الواقعة بنواحي اعكوران•
وتوفي احمد بن القاضي أول ملوك كوكو ومؤسسها في 7251 في حرب بمنطقة ثيزي ناث عيسى بالقرب من منطقة ثنيا ودفن بقرية ''اشلام'' حيث لايزال قبره متواجدا إلى اليوم وواصل أبناؤه الحكم في وسط الانشقاقات والحروب لغاية ضياع المجد في 7471 تاريخ اضمحلال المملكة•

مبادرة المحافظة تلقى تجاوب
الباحثين والمؤرخين

استحسن المؤرخون والباحثون والجامعيون المشاركون بمبادرة اليوم الدراسي المنظم من طرف المحافظة السامية للغة الامازيغية بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، باعتبار أن أشغاله تمحورت حول مملكة كوكو أو عرش''اث القاضي'' الذي لم يؤخذ حقه التاريخي بالرغم من أنه كان فترة تاريخية مهمة أسست على مدار أكثر من قرنيين تقاليد لا تزال لصيقة بالمنطقة ،هذه المنطقة التي أصبحت اليوم قرية تاريخية مصنفة في التراث الوطني وكانت في القرون السابقة من اكبر الممالك التي تأسست في القرن الـ61 ودامت فترة حكم ملوك كوكو الـ9 حسب الدراسات التاريخية الشحيحة المتوفرة بالجامعة ولدى الباحثين الجزائريين من 1151الى 0571 للميلاد•

دعوة لاسترجاع الأرشيف من الدول الأجنبية

من بين الأسباب التي أدت إلى عدم الاستفادة أكاديميا من الحقبة التاريخية ''مملكة كوكو'' بالرغم من تأثيرها الفعلي في المسار التاريخي للمنطقة وللجزائر ككل، تموقع الأرشيف الخاص بهذه الفترة في الدول الأوروبية وعلى وجه الخصوص في اسبانيا وتركيا، حيث نلاحظ أن المؤرخين الجزائريين لم يمنحوا المملكة حقها التاريخي، ولذلك كانت أهم أهداف تنظيم اللقاء من طرف المحافظة السامية للغة الأمازيغية، هو السعي لتحسيس وزارة التعليم العالي من اجل تمكين طلبة الدكتوراه المهتمين بالتاريخ من السفر بمنح للخارج واستغلال المراجع التاريخية والأرشيف الخاص بمملكة كوكو والمتواجد بدول أجنبية، خاصة تركيا وإسبانيا،كما دعا المتدخلون الذين اغتنموا فرصة تنظيم هذا الملتقى ومن بينهم مدير الترقية الثقافية لدى المحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، للدعوة لضرورة استعادة الأرشيف النادر لهذه الممكلة والمتواجد في الخارج، لاسيما بتركيا وإسبانيا، حيث تركه ملوك الأمازيغ منذ قرون، غير مستكشف ما يستدعي اليوم إعادة تثمينه، وقيا م الوزارة الوصية بمد الخطوات اللازمة لاسترجاع أرشيف الجزائر ومماليكها القديمة التي تعد من المواقع والمناطق التاريخية والأثرية الواجب الحفاظ عليها وحمايتها واستعادت كل ما تعلق بها لتوصيلها للأجيال القادمة•