مشكلة تدخل الاهل في الحياة الزوجية لابنائهم
·
من المشكلات العائلية الهامة المشاكل الخاصة بتدخل الأهل في حياة الزوجين وشؤون معيشتهم وقراراتهم الخاصة وإنقياد أحد الزوجين لهذا التدخل والذي غالبا ما يكون من أحد أقاربه أو أصدقائه مع ضجر وصخب الطرف الأخر، وكما قيل في الأمثال الشعبية: الحما عمى ولو كانت نجمة من السما "، وهي مشكلة أم الزوج وأم الزوجة التي لا تنتهي. فمن الأسباب التي تؤدي إلى الضيق في العلاقة ميل الأزواج والزوجات إلى توجيه اللوم إلى الحماة وإعتبارها مسؤولة عن كل ما يحدث من متاعب بين الزوجين.
إن أخطر ما يهدد الحياة الزوجية، ويؤثر على استقرارها هو إنتقال مشكلات الزوجين خارج أسوار المنـزل، وخاصة إلى الأهل، فكل طرف سيتحيز لإبنه أو ابنته ويتحول الموضوع من خلاف بين الزوجين إلى صراع عائلي لا يمكن احتواؤه، أو السيطرة عليه. وتعتبر كل من الحالات الاجتماعية التالية أكثر تأثراً وتفاعلاً مع تدخل الأهل في الحياة الزوجية: في حالة الإبن الوحيد، واعتماد الابن على والديه اقتصادياً (العمل مشترك – ينفق الأب على أسرة ابنه.. التبعية الاقتصادية), والسكن مع أهل الزوج أو أهل الزوجة في منزل واحد مشترك، وكذلك الشخصية الضعيفة لدى كل من الزوج أو الزوجة, وأن تكون الزوجة قريبة, أو يكون لديهم فهم خاطىء لبر الوالدين.
الحـــــل:يجب أن يدرك الزوجان أنه لا يوجد هناك من يحل لهما خلافاتهما غيرهما، لذا ينبغي عدم تدخل الأهل والأقارب في أي مشكلة تحدث بين الزوجين إلاّ إذا اقتضت الضرورة ذلك، فليس للأهل التدخل إلا بعد أن يصعب على الزوجان من محاولة حل مشكلتهما، وفي حالة خوف الشقاق، تنفيذا لقوله تعالى: فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاح يوفق الله بينهما "، ولا يتدخل الأهل في حياة الزوجين المتفاهمين فيقلبانها جحيما، ويكون تدخلهم هو سبب الشقاق, وأن يكون في نية الأهل المتدخلين إصلاح المشكلة، وليس إحداث مشكلة غير موجودة .
الإرشادات الوقائية:الاتفاق المسبق بين الزوجين على سياسة التعامل العامة مع الأهل، برسم حدود العلاقة بين كل من الزوجين وأهلهما من جهة، والإتفاق على الأمور أو المشاكل التي لا يجب على أحد أن يتدخل بها من الأسرار الزوجية وعدم إدخال الأهل في تفاصيل الحياة الزوجية اليومية، كما ينبغي الإتفاق على المشاكل التي يمكن أن يتدخل فيها الأهل في مرحلة معينة على أن يحددان من هو الطرف الذي يدخلانه من الأهل في مشاكلهم. يتفق الزوجان أن يعاملا أهلهما بدوبلوماسية ويدعم كل واحد منهما الآخر، وتتضمن هذه السياسة أساليب التعامل مع الأهل أي فن التقرّب والتودد للأهل وتحديد الزيارات وافتعال المناسبات التي تؤلّف بين قلوب الأهل والأزواج وتعطي لهم الفرصة لمزيد من التواصل الإيجابي, ويتعيّن على الطرفين معرفة الحقوق والواجبات الأسرية والعمل على مرعاتها تفاديا لأي خلل في الحياة الأسرية. أما عدم شعور الأهل أن الابن قد استحوذت عليه الزوجة أو العكس, فإن توازن الإبن في التعبير عن مشاعره من خلال تصرفاته وسلوكياته وطريقة تعامله مع أهله يحمي العلاقة الزوجية من تدخل أهل الزوج وكذلك بالنسبة للزوجة، وذلك من خلال قاعدة أن أحسس أمي أنها رقم واحد وزوجتي رقم واحد ، هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشعر كل واحد من أصحابه أنه أحب الناس إليه . محاربة الأفكار السلبية الشائعة في المجتمع "كراهية الحماة" وأصبحت عادة مكتسبة لذلك يستحسن على الزوجة أن تحارب هذه الأفكار وأن تبادر إلى كسب ودّ الحماة من خلال الإحترام والتقدير المتبادل، التهادي بالمناسبات وغير المناسبات، المدح والشكر لكل ما تقدمه، الكلمة الطيبة، مقابلة الإساءة بالإحسان، عدم توجيه الانتقادات أو الأوامر والملاحظات المباشرة... وباختصار أن يشعر الأهل أن الزوج أو الزوجة أي الطرف الجديد في كل من العائلتين إنما هو مثل الابن الحقيقي في العائلة الواحدة. وفي حالة إذا جاءت هذه الإرشادات متأخرة والمشكلة الزوجية تضخمت بسبب تدخل الأهل السلبي في الحياة الزوجية فإليكم بعض النصائح العلاجية لهذه المشكلة.
الإرشادات العلاجية:تختلف معالجة تدخل الأهل في الحياة الزوجية من حالة زوجية إلى أخرى وفقاً لعدّة اعتبارات منها: المدة الزمنية لهذا التدخل، نوعية المشاكل التي يتدخلون فيها، آثار هذا التدخل على العلاقة الزوجية، ومن الطرف المتدخل. الاتفاق بين الزوجين على اعتماد سياسة جديدة للتعامل مع الأهل وذلك بعد مراجعة السلوكيات الخاطئة التي وقع فيها كل من الزوجين والتي دفعت الأهل للتدخل, وأن يعمل الزوجين على حلّ مشاكلهما الحالية التي استدعت تدخل الأهل. تخصيص وقت معيّن للحوار مع الأهل وترضية خواطرهم بالكلمة الطيبة واللمسة الحنونة وأخذ الرضا منهم .. بهدف تحقيق رغبة الأهل في إسداء النصح لأولادهم ورعايتهم حتى بعد الزواج دون التسبب بضرر التدخل في شؤون الحياة الزوجية الخاصة على أن يتم التغاضي عن تدخلهم الحالي الغير مؤذي ومعالجته تدريجيا. كما ينبغي أن يعمل كل طرف على تحسين صورة الطرف الآخر عند أهله، وتحسين علاقة كل من الزوجين مع الأهل من خلال المصالحة والتسامح والتغاضي عن الأخطاء والمعاملة الحسنة وغيرها من فن العلاقات الإنسانية الأسرية.
دبلوماسية العائلة: وأكثر من يحتاجها الإبن الذي يسكن مع أهله في منزل واحد، فالإبن يحتاج هنا إلى الموازنة في تعامله بين الزوجة وأهله من جهة، وأن تشعر الزوجة بالخصوصية والإستقلالية في هذا المنزل المشترك من جهة أخرى, فيستحسن أن يقتني الزوج غرفة مستقلة وأن يخصص للزوجة أغراض خاصة أو أشياء يمكنها التصرف بها لكي تشعر ببعض الخصوصية. كما أن التفاهم والاتفاق بين الزوجين في هذه الحالة مهم جدا وخاصة عند بداية الحياة الزوجية، فيتفقان مثلا على مناقشة أمورهم الخاصة في الغرفة المخصصة لهم، وأن يتفقان على المواضيع التي يمكن المناقشة بها أمام الأهل، إضافة إلى توطيد العلاقة بين الزوجة وأهل الزوج وتوزيع الأدوار بينهم .. ويقع على الزوج، في هذه الحالة، العبء الكبير للحد من تدخل الأهل وفي المحافظة على الخصوصية