الرواحل : عدد الرسائل : 479 العمر : 76 الموقع : الجزائر المزاج : احمد الله واشكره على كل حال أقطن في : الجزائر علم بلدي : الترقية : نقاط التميز في الرواحل الإسلامية الشاملة : 26114 الأوســــمة : التميّز : 14
موضوع: يوم الحشر الإثنين 13 فبراير 2012, 17:12
يوم الحشــر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدا لله صلى الله علية وعلى اله وصحبه وسلم
اسأل الله عز وجل كما جمعنا في هذا الوقت المبارك الطيب أن يجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة مع الحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعدما ينفخ في الصور ويقوم الناس لرب العالمين يساق العباد إلى أرض المحشر لفصل القضاء بينهم، ولتجزى كل نفس بما تسعى، فيجزى كل عامل بما يستحق من الجزاء إن خيراً فخير، وإن شراً فشر
أولاً تعريف الحشر: الحشر لغة الجمع كما فى قوله تعالى { وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون }سورة النمل ايه 17 واصطلاحا : جمع الخلائق يوم القيامة للعرض على الله تعالى والحساب بين يدية ولقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن ثبوت يوم الحشر من ذلك قوله سبحانه : { وحشرناهم فلم نغادر منهم احداً } سورة الكهف 47 وقوله عز وجل : { ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود }سورة هود 103 وقوله تعالى : {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن } سورة التغابن 103 وقوله عز وجل : { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين } سورة المرسلات 38 اعلموا أن الحشر حشران: حشر في الدنيا وحشر في الآخرة أما حشر الدنيا فسيكون عن طريق النار التي تخرج من عدن تحشر الناس إلى أرض الشام روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الشام أرض المحشر والمنشر)) صحيح البخاري
والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر هو أنه عندما تقع الفتن في آخر الزمان تكون أرض الشام هي محل الأمن والأمان عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ)) رواه الامام أحمد بسند صحيح وأما حشر الآخرة فإنه يكون يوم القيامة بعد بعث الناس من القبور. ويكون الحشر لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم، يحشرون حفاة عراة غرلاً بهماً كما بدأنا أول خلق نعيده
والبعث والحشر يشملان مخلوقات الله جميعا الإنس والجن والملائكة وكل دواب الأرض وطيورها أما حشر الإنس والجن فلأنهم مكلفون وأما حشر الملائكة فليقوموا بوظائفهم وفق سنه الله فى خلقه أما دواب الأرض وطيورها فحكمة حشرها وبعثها هى أن تقتص من البهائم والطيور الظالمة فى الدنيا للمظلومة كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول صلى الله علية وسلم قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء وكذلك تحشر لتأديتها وظيفة الشهادة على الناس بحسب مشاهدتها فى الدنيا وكذلك مشاهدة عقاب من ظلمها من الناس في الدنيا وتعويضها عن ذلك وفق القانون الربانى قال الله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون }سورة الأنعام 38 وقال تعالى: {وإذا الوحوش حشرت}سورة التكوير 5
فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب قال لها: كوني تراباً فيراها الكافر فيقول: يا ليتني كنت تراباً وأول من يحشرمن الناس هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث تنشق عنه الأرض قبل كل مخلوق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من تنشق عنه القبر)) راوه مسلم
وقد وضح النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث كيف يكون هذا الحشر، وكيف يكون مجيئ الناس لها في هيئات وحالات ومشاهد مختلفة، فبعضهم حسنة وبعضهم قبيحة بحسب ما قدموا من إيمان وكفر وطاعة ومعصية ومن تلك الهيئات ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن حالة الناس عند حشرهم وهو أنه سيكون المؤمن والكافر في هيئة واحدة لا عهد لهم بها في الدنيا ولا يتصورون حدوثها ولهذا فقد حصل التساؤل والاستغراب لتلك الحالة كما في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحشرون حفاة عراة غرلاً " قالت عائشة: فقلت يا رسول الله: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: " الأمر أشد من أن يهمهم ذلك)) رواه البخاري ومسلم
وروى عبدالله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غُرلا بهما، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان). رواه الأئمة واستشهد به البخاري شرح الحديث وهذا أيضاً من الأدلة؛ وهو مما يكون في يوم القيامة، عندما يبعثون من قبورهم يحشرون حفاةً عراةً غرلا بهماً -كما في بعض الروايات- (حفاة) أي غير منتعلين؛ ليس عليهم أحذية. (عراة) أي ليس عليهم أكسية؛ عراة الأجساد
(غرلاً) أي الرجال منهم غير مختَّنين؛ أي أنهم كما بدأ خلقهم، وكما خرجوا إلى الدنيا يكون خلقهم كاملاً، يعود إليهم ما أزيل عنهم من تلك القُلْفة التي تقطع من مذاكيرهم في الصغر، فيكونون غرلاً (بهما) قيل: إن معناه أنهم يغلب عليهم السواد من شدة الحر ومن العرق ونحوه، البُهْم هو السواد، ومنه الكلب البهيم، وقيل: إن معناه أنهم لا يتكلمون كالبهائم، ولهذا قال تعالى في آية أخرى: {فلا تسمع إلا همساً}سورة طه 108 يعني أنهم شاخصة أبصارهم كما في قوله تعالى {مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم و أفئدتهم هواء} سورة ابراهيم 43
فالحشر يكون دون نعل أو خف، ودون ثوب أو لباس، وأيضاً يرجع البشر كهيئتهم يوم وُلدوا حتى إن الغرلة ترجع، وإن كان قد اختتن في الدنيا تحقيقاً لقول الله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده } سورة الانبياء اية 104
هذا مشهد من مشاهد الحشر
مشهد آخر وهو مشهد الكفار، فإنهم سيحشرون والعياذ بالله على هيئة تختلف عن غيرهم وهو أنهم يسحبون في المحشر على وجوههم قال الله تعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم } قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأخبر أن الضالين في الدنيا يحشرون يوم القيامة عمياً وبكماً وصما قال الله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتُنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: ((أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟)) قال قتادة: بلى وعزة ربنا إن أمر الآخرة وأحوالها غير أمر الدنيا وأحوالها فكل شيء في الآخرة جديد، ولا عهد للناس به، فهي حياة أخرى لها مميزات وكيفيات لا توجد في الدنيا، وليس على الله بعزيز في أن يمشي الكافر على وجهه هناك كما أنه يمشيه على رجليه هنا ولله تعالى فوق هذا كله حكم قد ندركها وقد لا ندركها، فإن الكافر في الدنيا كان ذا عتو واستكبار يمشي على رجليه متبختراً معتزاً بنفسه لا يحني رأسه لشيء غير هواه، فلا يعرف التواضع لله في شيء بل كان يستنكف من السجود لربه والخضوع له وهذا ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في بيان حكمة هذا المشي حين قال: والحكمة في حشر الكافر على وجهه أنه عوقب على عدم السجود لله في الدنيا بأن يسحب على وجهه في القيامة إظهاراً لهوانه بحيث صار وجهه مكان يده ورجله في التوقي عن المؤذيات فانتبه يا عبدالله إذا كنت ممن يستكبر أحياناً وتترك السجود لله، فاعلم بأن هذا كفر يوجب أن تسحب على وجهك يوم القيامة في المحشر وبعده الخلود في النار والعياذ بالله ومن مشاهد الحشر الأخرى التي وردت في السنة الحشر فئات من الناس صنف من الناس يحشرون في أحقر صفة وأذلها، وهؤلاء هم المتكبرون. فلأنهم في الدنيا يمشون في كبرهم وتبخترهم على الناس، عالية رؤوسهم عن التواضع لله أو لخلقه هؤلاء المستكبرون ورد في صفة حشرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان)). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية عن جابر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر يطؤهم الناس بأقدامهم فيقال ما هؤلاء في صور الذر؟ فيقال هؤلاء المتكبرون في الدنيا)) وهذه الحالة المخزية تناسب ما كانوا فيه في الدنيا من تعاظم وغرور بأنفسهم لأنهم كانوا يتصورون أنفسهم أعظم وأجل المخلوقات فجعلهم الله في دار الجزاء أحقر المخلوقات وأصغرها، والجزاء من جنس العمل قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: فإنهم لما أذلوا عباد الله أذلهم الله لعباده كما أن من تواضع لله رفعه الله وقد ذم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم الخيلاء في غير الحرب، كما قال تعالى: { ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور } لقمان 18 أما الخيلاء في المعركة، أي تبختر المجاهد المسلم في ساحة القتال إشعاراً للعدو بعلو الهمة، والشجاعة، واستقبال الموت في سبيل الله برباطة جأش وسكينة نفس، وفي ذلك ما فيه من الإغاظة وإرهاب العدو، وإغاظة العدو وإرهابه عبادة يكتبها الله للمجاهدين، ويعدها من إحسانهم. سيرة ابن هشام، عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر: (إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن ) السيرة النبوية ومن مشاهد الحشر التي تشاهد يوم القيامة مشهد أولئك السائلين المتسولين الذين يسألون الناس وعندهم ما يغنيهم، هؤلاء يأتون يوم القيامة للحشر وفي وجوههم خموش أو كدوح ومنهم من يأتي وليس في وجهه مُزعة لحم، يعرفهم الناس كلُهم. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم)) رواه البخاري ومن مشاهد الحشر أيضاً مشهد أولئك الذين يأخذون من الغنائم وهي من أموال المسلمين العامة، هؤلاء يحشرون في هيئة تشهد عليهم بالخيانة والغلول أمام الخلق أجمعين، فمن غل شيئاً في حياته ولم يرجعه أو يتوب منه فسيظهره الله يوم الحشر وسيشهر به أمام الناس زيادة للنكاية به يحمل ما غل على ظهره قال الله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}
فعن أبي هريرة رضي اللـه عنه قال: خرجنا مع رسول اللـه إلى خيبر ففتح اللـه علينا، فلم نغنم ذهباً، ولا وَرِقاً، غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي يعنى وادي القرى ومع رسول اللـه عبد له، وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن يزيد من بني الضُّبيب فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول اللـه يَحُلُّ رحله، فرمي بسهم، فكان فيه حتفه فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله، فقال رسول اللـه : ((كلا والذى نفسى محمد بيده، إن الشَّمْلَة (إزار يتشح به) لتلتهب عليه ناراً، أخذها من الغنائم يوم خيبر، لم يصبها المقاسم)) قال: ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين (الشراك: سير من سيور النعل) فقال: أصبته يوم خيبر فقال رسول الله: ((شراك من نار، أو شراكان من نار)) صححة الالبانى
وقد ذكر بعض أهل العلم بأن المرء يبعث ويحشر يوم القيامة على ما مات عليه من خير أو شر فالزامر يأتي يوم القيامة بمزماره، والسكران بقدحه، والمؤذن يؤذن، ونحوذلك نسأل الله حسن الختام. قال الله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً . وقال سبحانه: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم } وهذا يشمل الطائعين والعاصين كما قال سبحانه: {وإذا النفوس زوجت } أي قرن كل صاحب عمل بشكله ونظيره، فقرن بين المتحابين في الله في الجنة وقرن بين المتحابين في طاعة الشيطان، في الجحيم فالمرء مع من أحب شاء أو أبى وفي المستدرك للحاكم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحب المرء قوماً إلا حشر معهم)). قال شيخ الاسلام رحمه الله وقد نَقل عن قتادة في تفسير قوله تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال: فأهل الخمر مع أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا، وكل كافر معه شيطانه في سلسلة، الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح، ويلحق كل امرئ بشيعته، اليهودي مع اليهود، والنصراني مع النصارى، وأعوان الظلمة وقد قال غير واحد من السلف: أعوان الظلمة من أعانهم ولو برى لهم قلماً، ومنهم من كان يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم. فيحشر كل مرء مع صاحب عمله حتى إن الرجل يحب القوم فيحشر معهم كما ثبت في الصحيح انه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المرء مع من أحب) وقد ورد عن انس أنه قال ما رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحوا بشيء، لم أرهم فرحوا بشيء أشد منه، قال رجل : يا رسول الله، الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به، ولا يعمل بمثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المرء مع من أحب فنسأل الله تعالى أن يحشرنا مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين بحبنا إياهم وإن لم نعمل مثلهم ومن مشاهد الحشر لأهل الطاعات أهل الوضوء الذين يحشرون غراً محجلين كرامة من الله تعالى لأوليائه وأحبائه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((إن من أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) رواه البخاري واطاله الغرة هو اسباغ الوضوء وهناك مشهد الشهداء في سبيل الله فإنهم يحشرون ودمائهم تسيل عليهم. كهيئتها يوم جرحت في الدنيا تفجر دماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله ثم تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دماً، اللون لون دم والعرف عرف المسك)) رواه مسلم وهذا إكرام لهم وبيان لمزاياهم وتشهيراً بمواقفهم وعلو مقامهم عند الله تعالى. قال النووي رحمه الله تعالى: والحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى وهكذا تساق الخلائق الى المحشر كما علمنا
وسيكون هذا الحشر في أرض أخرى غير هذه الأرض قال الله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار} وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر فقال كما في حديث سهل بن سعد عند البخاري: ((يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد)). قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: تبدل الأرض أرضاً كأنها الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة من أهوال هذا الموقف العصيب أن الشمس تدنو من الرؤوس مقدار ميل حتى تغلى الأدمغة من شدة حرها فقد روى المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تدنى الشمس من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : فوالله ما أدرى ما يعنى بالميل ؟ أمسافة الأرض ؟ أم الميل الذى تكتحل به العين قال : فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون الى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً قال : وأشار رسول الله صلى الله علية وسلم بيده إلى فيه وهكذا يفيض منهم العرق حتى يمضى فى الأرض سبعين ذراعا فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم :إن العرق يوم القيامة ليذهب فى الأرض سبعين ذراعا وانه ليبلغ إلى أفواه الناس أو آذانهم وإن من أهوال المحشر أن يوتى بجهنم ولها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها قال تعالى : {وجائ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان وانى له الذكرى يقول ياليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابة احد ولا يوثق وثاقة احد}سورة الفجر 23
وعندما يجاء بها يسمع لها دوى وصوت مخيف كما قال تعالى : { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا } فهذه بعض أهوال الموقف مع طول الوقوف والأبصار شاخصة ينتظرون فصل القضاء قال الله تعالى : { ولاتحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء } سورة ابراهيم 42-43 وأما تفاوت الناس فيه * فإن السابقين وبعض المؤمنين يكونون بعيدين عن حر الشمس بل فى ظل الرحمن كما جاء فى حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم:"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنى أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه” متفق عليه * كما يتفاوت الناس بالعرق يتفاوتون فى شعورهم بطول ذلك الموقف فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قيل يا رسول الله : يوماً كان مقداره خمسون الف سنه ما اطول هذا اليوم فقال صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ليخفف على المؤمن حتى يكون اخف علية من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا فاتقوا الله تعالى عباد الله فإن موقف الحشر موقف مكروب ذليل يثير الفزع والخوف، فما ظنك بمن يؤخذ بناصيته ويقاد، وفؤاده مضطرب، ولبه طائر، وفرائصه ترتعد، وجوارحه تنتفض، ولونه متغير، ولسانه وشفتاه قد نشَف، وقد عض على يديه والعالم والجو عليه مظلم، وضاق عليه أرض المحشر كأضيق من سَمّ الخِياط، مملوء من الرعب والخجل من علام الغيوب ومن الناس وقد أتي يتخطى رقاب الناس ويخترق الصفوف، يقاد كما يقاد الفرس المجنوب وقد رفع الخلائق إليه أبصارهم حتى انتهِيَ به إلى عرش الرحمن، فرموه من أيديهم وناداه الله سبحانه وتعالى فدنى بقلب محزون خائف وجل، وطرف خاشع ذليل، وفؤاده متحطم متكسر، وأعطي كتابه الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها فكم من فاحشة نسيها فتذكّرها، وكم من ساعة قتلها عند منكر، وكم من ليلة أضاعها عند ملهى، وكم من ريال أنفقه في المعاصي، وكم من صلاة تأخر عنها وهو غير معذور، وكم من زكاة تهاون بها، وكم من صيام جرحه بغيبة أو كذب، وكم من أعراض تكلم فيها ولحوم مزقها، وكم من جيران تأذوا بمجاورته وكم من مخالطة له أوقعته في المعاصي، وكم من أرحام قطعهم، وكم من مسلم غشّه، وكم من حقوق لخلق الله تناساها، وكم من أسرار تسمّعها لم يؤذن له، وكم من محرم نظر إليها بعينيه، وكم وكم وكم فليت شعري بأي قدم يقف بين يدي الله، وبأي لسان يجيب، وبأي قلب يعقل ما يقول، وبأي يد يتناول كتابه، بل وبأي عين ينظر لرب العالمين: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدهم عداً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً } وهذا والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
عزالدين وسام العطاء
نوع المتصفح: : الرواحل : عدد الرسائل : 4853 أقطن في : الجزائر علم بلدي : الترقية : نقاط التميز في الرواحل الإسلامية الشاملة : 36740 الأوســــمة : التميّز : 82
موضوع: رد: يوم الحشر الثلاثاء 14 فبراير 2012, 16:32
جزاك الله والدتي العزيزة على هذه التذكرة بيوم الحشر نسأل الله العفو والعافية وأن يثبتا على دينه اللهم أمين