الحياة = أهداف
[img:3640]
http://38.121.76.242/memoadmin/media//goals[1].jpg[/img:3640](الأهداف ليست فقط ضرورية لتحفيزنا, ولكنها أيضًا شيء أساسي يبقينا أحياء)
روبرت شولر.
تتلخص حياة الكثير من الناس في أنه ولد ثم نشأ في بيت والديه ودخل المدرسة, فلما أنهي دراسته الثانوية قالوا له: مجموعك يدخلك كلية كذا فدخلها, فلما تخرج فيها؛ قالوا له: إن تقديرك هذا يتيح لك العمل في وظيفة كذا؛ فتقدم إليها وحصل عليها فعلًا.
فلما استقر في عمله قالوا له: آن لك اليوم أن تتزوج وهذه فتاة مناسبة لك, فتزوجها وأنجب منها أولادًا كرر معهم نفس قصته, إلى أن رقد على فراش الموت فمات ثم دفن, وبقى أولاده ليعيشوا نفس القصة!
قيمة الحياة:
عزيزي القارئ, أليست هذه القصة تعبر عن واقع كثير من الناس اليوم؟ إذًا فما الفرق بين صاحب هذه القصة وبين باقي الكائنات الحية من غير البشر؟ أليست هذه القصة هي قصة جميع الكائنات؟ ولد- كبر- تزوج- أنجب- مات!!
إن الفرق الأساسي بين الإنسان وغيره من الكائنات الحية أنه وحده الذي يمتلك القدرة على وضع الأهداف وتحقيقها, فإذا لم يحدد الإنسان هدفه في الحياة؛ فإنه لا يستحق إنسانيته بعد أن أضاع حياته في أكل وشرب ونوم.
فالإنسان ـ الذي استخلفه الله في الأرض ـ هو الذي يعطي حياته قيمة, فالحياة معناها أن تكون لدينا رسالة نؤديها, وحين يمتلك أحدنا أهدافًا حقيقية فهذا سيكون يوم مولده.
أما الذي لا يملك أهدافًا فإنه يتخبط في حياته بعشوائية, لا يدري أي الطرق يسلك, وإذا كنت قد قرأت قصة "أليس في بلاد العجائب" لمؤلفها "لويس كارول"، فربما تتذكر معنا ذلك الحوار المعبر الذي دار بين الفتاة "أليس" وبين القط الحكيم "تشيتشاير", والذي يعبر عن هذا المعنى العام الذي نتحدث عنه.
فعندما تسأل "أليس" القط "تشيتشاير" عن الطريق؛ فتقول: من فضلك, هل لي أن أعرف أي طريق أسلك؟ يرد القط: يتوقف هذا إلى حد بعيد على المكان الذي تريدين الذهاب إليه, تقول "أليس": أنا لا أعبأ كثيرًا بالمكان, يرد القط: إذًا فلا تهتمي كثيرًا أي الطرق تسلكين, تضيف "أليس" متسائلة: طالما أصل إلى أي مكان؟ فيرد القط: نعم نعم, ستصلين بالتأكيد إلى مكان ما, بشرط أن تسيري كفاية.
إنها حقيقة واضحة, فلا تحتاج إلى أي جهد يذكر لكي تصل إلى مكان غير محدد, فعليك ألا تفعل أي شيء وسوف تصل بعد دقيقة واحدة, على أي حال, إذا كنت تريد الوصول إلى أي مكان ذي معنى فعليك أن تعرف أولًا أين تريد الذهاب.
لا تترك نفسك في مهب الريح:
لا يدرك الكثير من الناس أهمية تحديد أهدافهم, فيتركون الحياة تقودهم كيفما تشاء مثل القارب الشراعي الذي تتلاعب به الرياح في عرض البحر.
ولهذا لا تترك نفسك في مهب الريح, فقد كان الدكتور "جيمس واطسون" في نضال طوال حياته ليعثر على علاج للسرطان, لكنه كان هدفًا صعبًا بالطبع, في الحقيقة لم ينجز الدكتور "واطسون" هذا الهدف, لكني أستطيع أن أخبرك أنه قد حصل على ثمرة تحديد الهدف حتى وإن لم يصل إلى غايته, فقد فاز واطسون بجائزة "نوبل", لقد اكتشف تركيب الحامض النووي (D.N.A), ومن خلال ذلك الحمض النووي تعرف كثير من العلماء والأطباء على تشخيص كثير من الأمراض.
ومن هنا نستطيع أن نضع قاعدة عامة على غرار قاعدة "من جد وجد", فيمكننا القول "من حدد هدفه تحديدًا دقيقًا وناضل من أجله لابد أن يصل إلى شيء عظيم ما".
كانت هذه هي أهم ثمرات تحديد الأهداف, أنك إن لم تحققها كاملة, فلاشك أنك ستحقق شيئًا عظيمًا منها, وهذا ما يعطي معنى للحياة, أن تعيش في تحدٍ دائم للوصول إلي هدفك, ويجمل لنا "ديل كارنيجي" بعضًا من الثمرات الأخرى لتحديد الأهداف فيقول: (الأهداف تضع أمامنا شيئًا نندفع إليه ونهدف إلي تحقيقه, وهي تجعل جهودنا مركزة وتتيح لنا فرصة قياس النجاح).
البوصلة الصحيحة:
هل تعرف ما هي البوصلة؟ إنها ذلك الاختراع البسيط الذي يتكون من إبرة مغناطيسية تشير دومًا نحو اتجاه الشمال, يستخدمها المسافر في الصحراء أو القبطان في سفينته لتحديد الاتجاه الصحيح للسير.
إن الأهداف في الحياة هي بمثابة البوصلة الذاتية لكل إنسان, فهي التي تحدد له الاتجاه الذي عليه أن يسلكه في هذه الحياة, وتشكل له إطارًا مرجعيًّا يستطيع أن يرجع إليه ليتخذ كافة قراراته.
وهكذا, إذا أردت أن تتخذ أي قرار في حياتك مثل: في أي كلية تدرس؟ أي رياضة تمارس؟ أي مستوى مادي ينبغي أن تحصله؟ أي عمل تلتحق به؟ فعليك أولًا أن تحدد بوصلتك الذاتية, أي رسالتك وأهدافك التي سوف تسترشد بها في جميع قرارات حياتك, وإلا وقعت في دوامة من الفوضى والتخبط لا تنتهي إلا يوم وفاتك, وساعتها سوف تكتشف الخسران الذي طالك في حياتك.
ولكي لا تحين هذه الساعة إلا وأنت مستعد لها, وقبل أن تُسأل يوم القيامة عن عمرك فيما أفنيته, بادر بسؤال نفسك هذا السؤال ولكن بصيغة المستقبل, في أي شيء أريد أن أفني عمري؟ وللإجابة عن هذا السؤال, عليك بهذه الأشياء الثلاثة:
1. الرسالة:
بداية عليك بتحديد رسالتك في الحياة؛ وهي المهمة الكبرى أو الدور الأكبر الذي يعيش الإنسان من أجل تحقيقه في الحياة, وكما يقول "أنطوان أكسيبري": (يصبح للحياة معنى فقط عندما يحياها يومًا بعد يوم من أجل شيء آخر بخلاف الحياة نفسها).
فهذه الرسالة هي محور حياة الإنسان, يتحرك من أجلها وينشط لها وينام عليها ويقوم بها, كما وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ رسالة المؤمن في كتابه فقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162].
2. الرؤية:
قم بتحديد الرؤية التي تريدها لنفسك في كل مجالات حياتك, فاعمل على تحديد ما تريد تحقيقه، سواءً في جانب علاقتك مع الله أو في الجانب المهني أو الجانب الاجتماعي أو غيرها من الجوانب التي تشمل أرجاء حياتك.
3. الأهداف:
ابدأ في وضع الأهداف المرحلية الكبيرة ثم الصغيرة, والتي تحوم كلها حول رسالتك وتصب في إنتاج رؤيتك, وعنها يقول "بيتر إيه": (الطريق لا تقطعه في خطوة واحدة كبيرة, ولكن تقطعه في خطوات صغيرة).
تمهل قبل الانطلاق:
عند قيامك بتحديد الأهداف لا بد أن تراعي بعض الأمور المهمة والتي تستساعدك ـ إن شاء الله تعالى ـ على تحقيق أهدافك:
1. مشروعية الهدف: فتتأكد من موافقة الهدف لدينك ورسالتك, ثم تتأكد من أنه أفضل الأهداف المناسبة لك.
2. وضوح الهدف: وهنا لابد من العمل على رسم صورة واضحة لهذه الأهداف, فلا تضع أهداف عامة وعلى فترات متباعدة دون أن تفصلها بأهداف يومية وعملية.
3. الإمكانات المتاحة والمتوقعة: فعليك قبل تحديد أهدافك أن تكتب ما تراه من الإمكانات المتاحة؛ بداية من الإمكانات الشخصية وحتي الإمكانات المادية, سواءً التي تملكها في الحاضر أو تتوقع الحصول عليها في المستقبل.
4. الزمن المتاح: وهذا من أخطر هذه العناصر, فالزمن هو الوجه الثاني لعملة الأهداف, فلابد من تحديد الزمن المناسب لكل هدف من الأهداف دون وضع زمن مبالغ فيه من حيث عدم كونه كافيًا لتحقيق الهدف، وهذا عندما تأخذه الحماسة, أو من حيث الإسراف والتسويف وإضاعة الوقت.
5. مرونة الهدف: فإذا اكتشفت في مرحلة من المراحل أن الهدف لا يعمل في مصلحة رسالتك ورؤيتك, فلا تشعر بالحرج في تغيير هذه الأهداف.
والآن، ماذا بعد الكلام؟
1. أحضر ورقة وقلمًا, وقم بتحديد رسالتك وكتابتها في دائرة في منتصف الورقة, ثم قم بتحديد رؤيتك لنفسك في المجالات المختلفة, بداية من رؤية نهائية تريد الوصول إليها وحتى الرؤية التفصيلية لخمس سنوات.
2. ابدأ في كتابة الأهداف مفصلة مع مراعاة الأمور التي ذكرناها سالفًا, واخرج في نهاية هذه الورقة بما عليك فعله خلال كل يوم من أيام الأسبوع المقبل, وفي أول كل أسبوع قم بتحديد أهداف كل يوم من الأسبوع.
3. ضع هذه الأهداف في جدول تستطيع أن تقيم نفسك من خلاله, وتتابع أهدافك, وخلال كل شهر لابد أن تسأل نفسك, هل هذه هي الأهداف الصحيحة التي تصب في رسالتك وتحقيق رؤيتك؟ فإن كان الجواب "لا", فكن مرنًا في تغيير بعض الأهداف التي لا تصب في رسالتك.
وختامًا, تذكر ما قاله "هارفي مكاي" أفضل كاتب في مجال المبيعات التجارية: (إن الهدف هو حلم له حد نهائي).
أهم المراجع:
1. صناعة الهدف, صويان الهاجري وهشام مصطفي وآخرون.
2. اكتشف القائد الذي بداخلك, ديل كارنيجي.
3. هذه حياتك لا وقت للتجارب, جيم دونوفان.
4. حتى لا تكون كلًّا, د.عوض القرني.
5. صناعة النجاح, د.عبد الله السبيعي.
6. كيف تخطط لحياتك؟ د.صلاح الراشد.