لله درك إن كنت قائم بهما حقاً
يقول ابن القيم رحمه الله : في قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين )
القائم بهما صدقا ، ملبسه ما تهيأ ، ومأكله ما تيسر ، واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته ، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً ، لا تملكه إشارة ولا يتعبده قيد ، ولا يستولي عليه رسم ، حر مجرد ، دائر مع الأمر حيث دار يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه ، ويدور معه حيث استقلت مضاربه ، يأنس به كل محق ، ويستوحش منه كل مبطل ، كالغيث حيث وقع نفع ، وكالنخلة لا يسقط ورقها ، وكلها منفعة حتى شوكها ، وهو موضع الغلضة منه على المخالفين لأمر الله ، والغضب إذا انتهكت محارم الله .
فهو لله
وبالله
ومع الله
قد صحب الله بلا خلق ، وصحب الناس بلا نفس ، بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين ، وتخلى عنهم ، وإذا كلن مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنهم.
فواها له !
ما لأغربه بين الناس !
وما أشد وحشته منهم !
وما أشد وحشته منهم !
وما أعظم أنسه بالله وفرحه به ، وطمأنينته وسكونه إليه !!
والله المستعان ، وعليه التكلان .
مدارج السالكين ( 1/85 -