25 ألف عون أمن لتأمين العاصمة.. والفتنة بين المعارضين والمساندين
مخاوف من اختراق " خلاطين " لمسيرة السبت
مخطط لإثارة شجارات مفبركة وجرّ الجزائر إلى " مأساة وطنية " جديدة
استغلال الاحتجاجات السلمية وركوب المطالب الشعبية لجني ثمار سياسية
انقسمت المواقف السياسية والحزبية بشأن مسيرة 12 فيفري، بين مؤيّد لها "ظالمة أو مظلومة"، ومعارض لها جملة وتفصيلا، وبين منسحب متبرّأ و"مُحايد" وماسك للعصا من الوسط، لكن كلّ المؤشرات والمعطيات والتصريحات، تؤكد وجود أطراف تحاول استغلال المطالب الشرعية للزوالية والاحتجاجات السلمية للمواطنين، من أجل تحقيق أهداف سياسية وأحيانا شخصية لا علاقة لها اطلاقا بأولويات وانشغالات الجزائريين .
وحتى إن تبنّت كل أطياف الطبقة السياسة، بحلفائها وشركائها وخصومها وأعدائها، وسواء في السلطة أو المعارضة، وضمن أحزاب التحالف الرئاسي وخارجه، تبنّت المطالب الشعبية، وساندوا الاحتجاجات السلمية في ظاهرها وباطنها، فإن عوامل ومبرّرات التوظيف السياسوي والتجنيد المشبوه للشارع، من طرف بعض الكتائب السياسية والحزبية، ومنها من كان مستقيلا من النشاط، أو مقاطعا له بعدما استفاد من التقاعد المسبق والمتأخر، أصبحت مفضوحة وهدفها إعادة الجزائر إلى نقطة الصفر، وسنوات المحنة والمأساة الوطنية التي يتذكرها الجزائريون ويرفضون العودة إليها مهما كان الثمن .
عشية مسيرة السبت المقبل التي دعت اليها ما تسمى "الحركة من أجل التغيير والديمقراطية"، تشير معلومات متطابقة، إلى لجوء بعض المحسوبين على "التيّار المتطرف"، إلى التحضير لتنفيذ مخطط محبوك خلال مسيرة 12 نوفمبر، حيث يقوم هذا المخطط، على تجنيد مجموعة من "المحرّضين " و " المأجّجين " ، من ولايتي سطيف وبرج بوعريريج، لركوب الموجة واستغلال المسيرة واختراقها، في محاولة لاثارة الفتنة بالعاصمة !
وعلمت "الشروق" من مصادر موثوقة، أن هذا المخطط القائم على "التخلاط" وانتهاز الفرص، يركّز على توجيه أوامر لـ"المرسولين" و"المندسّين" قصد التوجه إلى نقاط معينة عبر عدد من المحاور والشوارع "المحافظة" بالجزائر العاصمة، يوم السبت المصادف لتاريخ تنظيم "مسيرة 12 فيفري " ، وهناك يشرعون في " معاكسة الفتيات العابرات بهدف إثارة النزاع والشجار مع عائلاتهم وشباب الحيّ " ، ومنه خلط الأوراق وصناعة انزلاقات واشتباكات افتراضية .
ويشير مضمون تفاصيل المخطط، إلى أن مهندسي هذا الأخير، كلّف "الخلاطين" بانتحال صفة رجال الأمن، لنشر مزاعم مغلوطة هدفها تأجيج نار الفتنة والأحقاد والتحريض على تصفية الحسابات والتأليب على "الثأر" لشرف وكرامة الفتيات المُعتدى عليها، من طرف "مجهولين" هدفهم الالتحاق بالمسيرة بعد إثارة الفوضى !
وتؤكد معلومات مطلعة، أن عرّابي هذا المخطط المفضوح، حضّروا للشروع في تصوير الشجارات والمواجهات المفبركة، واللجوء إلى تسويق أفلامها وترويج صورها على مستوى وسائل الاعلام الخارجي، خاصة القنوات الفضائية، قصد تهويل الوضع وتضخيم الانزلاق وتسويد صورة الجزائر في عيون الرأي العام الدولي .
وموازاة مع هذه التخطيطات والمحاولات، لوحظ ببعض المناطق على مستوى ولايتي بجاية وسطيف، كتابات حائطية مجهولة تدعو إلى "العصيان المدني" وترفع "شعارات إسلامية قديمة"، تعكس برأي أوساط مراقبة، محاولة أطراف مشبوهة إلى العودة بالجزائريين إلى سنوات الاضطرابات والعنف، من خلال ركوب موجة الاحتجاجات السلمية للمواطنين وتنفيذ عمليات تخريب وشغب ونهب وتكسير، بُغية رسم صورة قاتمة عن الجزائر، بعد أن عادت إلى السلم والأمن والمصالحة .
مليشيات "التخلاط والتخياط"، تحاول ركوب المطالب المشروعة للزوالية، واستغلال مسيرة 12 فيفري، لجني ثمار لا علاقة لها باهتمامات الجزائريين، الذين يفرّقون بين ما يخصّ حياتهم اليومية، وما يتعلق منها بمحاربة الفساد و"الحڤرة" والبيروقراطية والبطالة وتوزيع السكن والأجور، وغيرها من الملفات الشعبية، وبين ما يرتبط بحسابات حزبية وتكتيكات سياسية وغنائم انتخابية، لا علاقة لها بهموم الأغلبية المسحوقة !
أصحاب مسيرة 12 فيفري، يصرّون على تنظيمها، في موعدها، رغم أوامر رئيس الجمهورية للحكومة برفع حالة الطوارئ، المطلب الأساسي، لها، واقتراح مصالح ولاية الجزائر، بتحويلها إلى تجمّع بالقاعة البيضوية، الأمر الذي دفع ببعض المنخرطين في المسيرة، إلى الانسحاب منها نظرا لما سموه تلاشي مبررات وجودها .
وفي ظلّ هذه التطورات، تسعى أطراف مشبوهة وفاشلة و"متقاعدة"، إلى التسلّل إلى واجهة الأحداث، من خلال إطلاق إسقاطات السيناريو التونسي والمصري على الجزائر، والتخطيط للانتقام من الجزائر باعادة الجزائريين إلى سنوات الفتنة والرعب والهلع واللاّثقة وحظر التجوال والتدخل الأجنبي، المرحلة العصيبة التي عاشها الجزائريون لعشرية كاملة ودفعوا خلالها الثمن غاليا، أمنيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا ودوليا، وليسوا مستعدين اليوم للانجراف نحو مستنقع تكرارها واعطاء الفرصة لعدد من المتورطين في الإخفاقات والانتكاسات والتنظير الفلسفي الذي لم ولن يُؤكل الزوالية الخبز ولن يُسكنهم في بروج مشيّدة، كما ليس بوسعه أن يبني الجمهورية الفاضلة !
المطلوب إجراءات عاجلة وتحرّك الرئيس
ومع كلّ الإنجازات والمكاسب التي لا ينكرها أيّ جاحد، فإنه لن يختلف اثنان، على إحصاء مشاكل قديمة وأخرى جديدة، وبعضها نتيجة تراكمات وظروف ومتغيّرات، تستدعي تحرّك "أصحاب القرار" وفي مقدّمتهم رئيس الجمهورية، لاتخاذ إجراءات عادلة وعاجلة وشاملة، تستجيب للمطالب المشروعة للمواطنين، وتلمّع الثقة والمصداقية، التي تعرّضت في بعض جوانبها إلى الخدش، نتيجة التماطل وعدم الاستجابة للاحتجاجات السلمية - في وقتها - وقبل فوات الأوان، وبقناعة وليس نتيجة "ضغوط" وحسابات ظرفية، وذلك بغية صدّ المحرّكين والصيّادين في المياه العكرة!
ومع تثمين تدابير من عيار ما تمّ اتخاذه خلال مجلس الوزراء الأخير، في الشقّ السياسي والاجتماعي، فإن استفتاء بسيط وسط الشارع، ينقل أن الجزائريين ينتظرون "إجراءات جذرية"، وتسبيق الأفعال عن الأقوال، لتثبيت الارادة والنية الحقيقية في "تغيير ما ينبغي تغييره"، ولذلك فإن المرغوب فيه شعبيا، هو استجابة السلطة للمطالب الشعبية دون انتظار ما "يُمليه الشارع" أو "تفرضه" الاحتجاجات ولغة الابتزاز و"ليّ الذراع"، وهو المنتظر حسب ما يدور وسط المواطن البسيط، الذي مثلما يرفض استغلال مطالبه، فإنه يتمسّك بها ويرفض التنازل عنها!
ويرى مراقبون أن سياسة "الكرسي الشاغر" الذي تعتمده الحكومة في كثير من المواقف والمطالب، هو الذي ساعد "الخلاطين" والمنتفعين في انتهاز الفرص والاستثمار فيها، على أساس أن "السياسة لا تقبل الفراغ" أو الانسحاب أو الصمت، كما يرى المواطنون في نظرة بريئة، أن الإشاعة تحارب بالملموس ومراجعة " الخلل " بمختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحكومة التي تبقى " مفتاح " التنفيذ .