أحبك حبين: حب الهوى
وحبّا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حبّ الهوى
فذكرُ شُغلت به عن سواكا
وأما الذي أنت أهلُ له
فكشفُك الحُجب حتى أراكا
فما الحمدُ في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
يا سروري ومنيتي وعمادي
وأنيسي وعُدتي ومرادي
أنت روح الفؤاد أنت رجائي
أنت لي مؤنس وشوق كزادي
أنت لولاك يا حياتي وأُنسي
ما تشتتُ في فسيح البلاد
كم بدت مِنة وكم لك عندي
من عطاءٍ ونعمةٍ وأيادي
حُبك الآن بُغيتي ونعيمي
وجلاءُ لعين قلبي الصادي
ليس لي عندك ما حييت براحٍ
أنت منى مُمَكنُ في السواد
إن تكن راضياً عليّ فإني
يا مُنى القلب قد بدا إسعادي
راحتي يا إخوتي في خلوتي
وحبيبي دائما في حَضرتي
لم أجد لي عن هواه عِوضا
وهواه في البرايا مِحنتي
حيثما كنت أشاهِد حُسنه
فهو محرابي إليه قبلتي
إن أمت وجداً وما ثم رضا
واعَنَائي في الورى وشقوَتي
يا طبيب القلب يا كل المنى
جُد بوصلٍ منك يَشفى مُهجتي
يا سروري وحياتي دائما
نشأتي منك وأيضا نشوتي
قد هجرتُ الخلق جمعا أرتجي
منك وصلا فهو أقصى مُنيتي
وارحمتاً للعاشقين ! قلوبهم
في تيه ميدان المحبة هائمه
قامت قيامة عشقهم فنفوسهم
أبداً على قدم التذلل قائمه
إما إلى جنات وصل دائما
أو نار صدٍ للقلوب ملازمه
وزادي قليل ما أراه مُبلّغي
أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقُني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي فيك أين مخافتي
إني جعلتك في الفؤاد محدثي
وأبحتُ جسمي من أراد جلوسي
فالجسم من للجليس مؤانس
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي
كأسي وخمري والنديم ثلاثة
وأنا المشوقة في المحبة: رابعه
كأس المسرة والنعيم يديرها
ساقي المدام على المدى متتابعه
فإذا نظرت فلا أُرى إلا له
وإذا حضرت فلا أُرى إلا معه
وتخللت مسلك الروح مني
وبه سمى الخليل خليلا
فإذا ما نطقتُ كنت حديثي
وإذا ما سكتُ كنت الغليلا
حبيبُ ليس يعدله حبيب
ولا لسواه في قلبي نصيب
حبيبُ غاب عن بصري وشخصي
ولكن في فؤادي ما يغيب
1- قال الشيخ / صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ،، وفقه الله في شرحه على كتاب العقيدة الواسيطة على كلام رابعة العدوية بقوله .. .
قولها : [ أحبك حبين حب الهوى
وحب لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواكا
وأما الذي أنت أهل له
فكشفك لي الحُجْبَ حتى أراكا ]
وكل واحد منهم يزعم أنه رأى الله جل جلاله في اليقظة .
وهذا باطل وذلك لأن الرؤية حُجِبَت عن موسى عليه السلام فقال الله جل وعلا لموسى .
?لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي? .
نقول لا يُرى الله جل وعلا في الدنيا في اليقظة .
أما في المنام فأهل السنة يثبتون إمكان رؤية الله جل وعلا في المنام .
ورؤيته في المنام جل وعلا ليست على صورته جل وعلا التي هو عليها لأن هذه لا يمكن لأحد أن يراه فيها .
وإنما قالوا يراه الرائي على قدْر إيمانه لأن الرؤية يكون المقصود بها رؤية من يؤمن به .
فإن كان إيمانه قويا رأى صورة حسنة كما رأى النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ربه جل وعلا في أحسن صورة قال عليه الصلاة والسلام (رأيت البارحة ربي في أحسن صورة) .
وقوله (في أحسن صورة) لأنه عليه الصلاة والسلام أكمل المؤمنين إيمانا .
وهذا من جهة الإمكان .
والإمكان لا يدل على تكرار الوقوع لكن قد يحصل ، قد يراه يرى الرائي رؤية قبيحة فيكون ذلك دالا على ما في نفسه ونحو ذلك .
2- وسئل الشيخ / الحوالي عنها فقيل له :
عندما تذكر المحبة عند الصوفية تذكر رابعة العدوية نريد نبذة موجزة عنها وما موقفنا منها ؟ .
الجواب :
عندما تذكر رابعة التي يسميها البعض شهيدة الحب الإلهي، أو شهيدة العشق الإلهي، وكان هذا في القديم حيث كتب وقيل فيها ما قيل، ثم حديثاً عُمِلت الأفلام باسم رابعة العدوية والعياذ بالله.
فالذي أراه في رابعة العدوية أن نقول فيها ما قاله أئمة الجرح والتعديل، حيث إن أبا داود -رحمه الله وهو تلميذ الإمام أحمد في الحديث وفي الجرح والتعديل- يقول عنها: 'و رابعة رابعتهم على الزندقة' أي: أن رابعة العدوية كانت، من ضلال العباد، الذين ضلوا في عبادتهم وخرجوا عن سنة نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي كانت تزعم أن أمرها وشأنها كله محبة، فأسقطت الخوف والرجاء بالكلية، وعلقت نفسها بالمحبة، وامتنعت عما شرع الله تبارك وتعالى للنساء من الزواج وغيره، وتبتلت وترهبنت ترهب النصارى، وليس بالتبتل الذي شرعه الله تبارك وتعالى لعباده، فهي كما قال رحمه الله، فما ثبت وما صح وما يصح عندنا هو ما يقوله علماء الجرح والتعديل.
أما ما يفتريه الصوفية وأمثالهم فهذا لا شأن لنا به، وإن كان فيما يذكرون عنها طوام، ومكفرات، وأنها عندما تقول: ' إنني لا أحب الجنة ولا أخاف النار وإنما أحب الله فقط ' وتقول: ' إن من أحب الله من أجل الجنة أو النار أو من اجتهد في العبادة لأجل الجنة والنار فهو أجير ' كما ينسب إليها، هذه الأبيات الشعرية التي تقول فيها:
أحبك حبين حب الهوى وحب لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواك
وأما الذي أنت أهل له فكشفك للحجب حتى أراك
إلى غير ذلك مما ينسب إليها، وهذا فيه انحراف وفيه ضلال ومنه ماهو كفر .
كما ينسبون إليها أنها سمعت قارئاً يقرأ ويقول: { وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ } [الواقعة:21-22] فقالت: ' يمنوننا باللحم وبالطير كأننا أطفال، وإنما الغرض المحبة' .
انظر كيف تعترض حتى على ما جاء في القرآن، أما مسألة نعيم الجنة، فما يهم، والمهم هو المحبة، فهذه محبة عباد الهندوس وأمثالهم الذين يرون أن غاية العبودية هي الاتحاد في برهما، أو الفناء في برهما الذي هو الرب المعبود عندهم تعالى الله عما يصفون.
- المرجع / دروس الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي ( الجزء 12 - الصفحة 17 ) .
و الله اعلم