السلام عليكم
بعض نمادج العلاقات وعلاقتها بالهاتف النقال
واكب انتشار تكنولوجيا الهواتف النقالة الحديثة تفشي سلوكيات غير أخلاقية تهدد بتدمير الكيان الاجتماعي لملايين الأسر، بداية من الكليبات الخليعة، ومرورا بتقنيات البلوتوث، وانتهاء بالرسائل الصوتية الإباحية، وللوقوف على أبعاد هذه الظاهرة الخطيرة كان هذا التحقيق الذي أجرته الصحفية هناء الحمادي ونشرته جريدة "الاتحاد" الإماراتية وذلك على النحو التالي :
كثيراً ما تصل مسجات متطفلة تعكر مزاج صاحبها، حين يكون في أوج سعادته مع أسرته، مثل هذه الرسائل تؤثر بالرجال قبل النساء، لما تسببه من مشاكل وخلافات عائلية، فقد تُنهي علاقة خطيب بخطيبته، وزوج بزوجته، وربما أخ بأخته، وسبب ذلك عبارات تدعو إلى علاقات مختلفة غير مباحة، أو رسائل تخدش الحياء، أو "مسج" يتضمن دعوة للقاء في مكان ما، أو صور خليعة أحيانا.
ما حدث مع أيمن، عبر رسالة وصلته خطأ في منتصف الليل، كانت بداية الشرارة التي أحدثت شرخاً في علاقته بزوجته، يقول أيمن عن ذلك: لحظة وصول "المسج" طلبت زوجتي رؤية الرسالة، ولكني رفضت بهدف عدم تعكير مزاجها، وقع الموبايل من يدي وبسرعة البرق قرأت زوجتي الرسالة دون النظر لرقم المرسل، وكان نص الرسالة: "أنا حبيبتك غيِّرت رقمي، وكلمني الحين".
يصمت أيمن لبرهة يستذكر فيها ملامح زوجته بعد قراءتها الرسالة، ويقول: "في هذه اللحظة إحمرَّ وجهها، وبات الغضب واضحاً عليها، وارتسمت نظرات استغراب وتعجب واستفهام في عينيها، تسأل عن المرسل، وكان لسان حالي يقول إنني لا أعرف مصدر الرسالة، ولكن أم عيالي لم تفهم ذلك، وفي نفس اللحظة طلبت مني أن أطلِّقها، وبالفعل كلمة منِّي وأخرى منها وصل الأمر إلى وقوع "طلقة أولى"، فقد كان الشيطان شاطراً في السيطرة على عقل زوجتي التي أصبحت بسرعة البرق مثل الأسد الذي يريد أن ينقض على فريسته، بعد أن كانت مثل الحمل الوديع".
علاقة تعارف
بدوره ماجد شريف تلقى رسالة ملتهبة تنطوي على الكثير من مشاعر الحب والهيام من زميلته بالعمل، وهما بالكاد تجمع بينهما علاقة تعارف عادية، قرأت الزوجة الرسالة فاشتعلت غضباً، وراحت تسأل وتستجوب زوجها عن مصدر هذه الرسالة، وعندما أكَّد لها الزوج أنَّها من زميلة عمل، وتأكدت من الأمر، سيطر على ذهنها سؤال مخيف: "ماذا لو لم تكن الزوجة تعرف مصدر هذه الرسالة، هل من الممكن أن تتسبب رسالة من مجهول في خراب بيت"؟
وسيلة تعبير
من جهته يعتبر ناصر فهد أنه قد أعاد المياه إلى مجاريها لكثيرين من المقربين له الذين دبَّ بينهم الخصام، ثم تصالحوا بفعل رسائله الرقيقة، يقول: "أمتع الأوقات هي تلك التي أقضيها في تأليف رسائل الحب والفراق والشوق، وأرسالها للآخرين، وأكثر ما يسعدني حين أسمع مدى انتشار "مسجاتي" بين الأهل والأصدقاء".
يضيف موضحاً: "لقد ساهمتُ ببعض مسجاتي في إعادة المياه إلى مجاريها بين بعض أصدقائي وزوجاتهم، كما كانت سبباً في توطيد علاقة المحبة والألفة بينهم، وعليه فأنا أرى انها وسيلة رائعة لكي يعبر بها الطرفان عن مشاعرهما بدون حياء".
أما نهى جميل التي لم يمر على زواجها سوى خمسة أشهر، فقد سببت لها رسالة من مجهول مشكلة مع زوجها، تقول: "تلقيت رسالة عاطفية مجهولة المصدر، وتحول السؤال عن مصدر الرسالة إلى استجواب ما لبث أن أصبح شجاراً، اشتعلت الغيرة في قلب زوجي، ولكن بعد مرور أكثر من يوم تأكد أن المسج وصل عن طريق الخطأ، ولست أنا المعنية به".
فتش عن الثقة
من جهته ينظر سالم النعيمي إلى هذه المسألة بالقول:" قد يصل الكثير من "المسجات" عبر هذا الجهاز، وليس كل رسالة من مجهول تقصُد صاحب الموبايل، فقد يكون الأمر مجرد خطأ، ولكن في حالة وجدت الثقة بين الرجل وزوجته أو الأخ وأخته، فإنَّ هذا الرسائل لا تؤثر بين الزوجين أو توسع الفجوة بينهما، لأنَّها ليست صادقة بالضرورة، ولا يجوز السماح لضغطة زر متسرعة بأن تقلب الحياة رأساً على عقب بين زوجين متحابين، أو تفرق شملهما".
بدوره يتفق يعقوب يوسف مع النعيمي قائلاً: "الثقة بين الزوجين تكسر الحواجز، وتزيل الشك، وتخلق المحبة، وهي أساس الحياة الزوجية الهادئة، وإن كانت هذه الثقة موجودة فلا "مسج" ولا حتى مكالمة من مجهول قد تؤثر بكلا الطرفين، المهم في نهاية الأمر هو توافر الصراحة والثقة والوضوح، وعدم إخفاء الأمر بين الطرفين، لإيجاد التفاهم، وترسيخ المودة".
حميمية الجوال
بحثت دراسة علمية مشتركة عن الروابط العاطفية التي يشعر بها البعض نحو جواله، وكان من نتائج البحث أن %45 ممن تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعشرين والرابعة والثلاثين لا يستطيعون الحياة بدون هواتفهم النقالة، وذلك بسبب استخدامهم لهواتفهم في تعميق صلاتهم وصداقاتهم والحفاظ على أنفسهم في حالة نفسية جيدة، ونسبة %46 يستخدمون هواتفهم في الترفيه عن أنفسهم والترفيه عن أصدقائهم، كما بينت الدراسة أن %55 يستخدمون هواتفهم المحمولة في دفع الملل، فيما يستخدمه %52 فقط للنميمة.
من جهة أخرى قال %86 ممن خضعوا للدراسة انهم يستخدمون الرسائل المكتوبة أكثر من استخدامهم للمكالمات، ويرى الكثيرون أن الجوال وسيلة هامة لتنقية العلاقات والسماح للأشخاص بالتعامل مع الآخرين بشكل مناسب.
والطريف أنَّ الجوال أصبح طرفاً ثالثاً في العلاقة الزوجية، فهو رسول بين اثنين متحابين، يحمل بينهما ما يمكن أن يعمق حميمية العلاقة، أو يوسع الفجوة بينهما.