بات التعصب ظاهرة مقلقة و منتشرة في بلاد الوطن العربي من شرقه إلي غربه ومن شماله إلي جنوبه وبين جنباته..حتي أصبح لازمة من لوازم الحياة اليومية العربية و عاملا مدمرا لتكوين الامة بل و بقاءها وتماسكها. و التعصب في حد ذاته مخالف لتعاليم الدين..أي دين و مستوجب غضب الله و من العجب أن ينتشر في قلب أمة كانت خير أمة أخرجت للناس و حكمت العالم بالعدل و السماحة و الوسطية..
تقديم
التعصب ظاهرة قديمة حديثة يرتبط بها العديد من المفاهيم كالتمييز العنصريةو الدينية و الطائفيي و الجنسي ولعلنا استنتجنا من دراستنا للحروب و الصراعات التاريخية أن اسباب الكثير منها كان التعصب للدين أو العرق أو اللون وما زالت هذه الظاهرة تتجدد باستمرارٍِ في عصرنا الحالي وتشكل آفة تدمر الشعوب والأمم..
وقد صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر عام 1981م إعلان خاص بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب و التمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقدةتعني أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الدين أو المعتقد ويكون غرضه أو أثره تعطيل أو إنقاص الاعتراف بحقوق الأنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على أساس من المساوة..
تعريف التعصب
أنه شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر باطل ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف متزمة ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته..
اشكال التعصب
للتعصب أشكال مختلفة قد ترتبط بعضها ببعض وهي:
التعصب الديني
التعصب العرقي
التعصب الفكري
التعصب للنوع الأجتماعي
التعصب القومي
التعصب القبلي
التعصب الطائفي
النظريات المفسرة للتعصب
يمكن الاستفادة من نظرات علم النفس وعلم الاجتماع في فهم ظاهرة التعصب حيث تساعدنا في فهم كيفية تطور الاختلافات بين الثقافات أو الجماعات التي تصبح مشحونة عاطفياً. وتكشف تلك النظريات الآثار السلبية لظاهرة التعصب, وتفسر سمات الشخصية المتعصبة التي يمثل الأتي:
سيمات (خواص) المتعصب
التسلط و الجمود في التفكير.
اللجوء إلى العنف لتحقيق الغايات.
التمركز حول الذات وعدم تقبل الحوار مع الآخرين
تصنيف العوامل المؤدية إلى التعصب
يمكن تصنيف هذه العوامل إلى نوعين:
1-عوامل ترتبط بالفرد أي بتكوينه النفسي.
2-عوامل ترتبط بما يحيط الفرد من جوانب اجتماعية و اقتصادية و سياسية و ثقافية
أولا العوامل التي ترتبط بالفرد:
.محاولة الفرد إشباع حاجاته. 2.حاجات اقتصادية. 3.التعبير عن العدوان. 4.الإسقاط.1
1-محاولة الفرد إشباع بعض حاجاته: مثال ذلك الحاجة إلى الشعور بان الفرد يحتل مركزا مرموقا بين الآخرين أو الشعور انه أفضل من الآخرين فقد تدفع مثل هذه الحاجة الفرد إلى تقوية هذا الاتجاه العنصري حيث يتيح له الفرصة لاحتقار البعض و التعالي عليهم للإشباع حاجته إلى الشعور بأنه أفضل منهم, وهذا الاتجاه نلاحظه بشكل واقعي و يومي و نستشهد به تعامل الغني أو صاحب السلطة مع الآخرين تكون في هذا الإطار, فهو يفرض سيطرته المطلقة و يشعر إن في ذلك إرضاء لغروره و مكانته الاجتماعية و المادية, وهذا يعتبر مرض اجتماعي ليس الجميع ذو السلطة و النفوذ لديهم ذات الطابع يختلف ذلك من بيئة إلى أخرى فالكثير من الأحيان نجد إن الشخص الذي كان يعاني من معيشة صعبة و ثم تفتحت له أبواب الشهرة و السلطة و المال نجده قد تحول إلى شخص متعجرف عنصري يرى من هم اقل منه أنهم حقراء لا يصون شئ, و مثال على ذلك احتقار الفرد لأهله الفقراء عند وصوله، و هذا يبرهن شعور النقص لدى الفرد وحاجته للإشباعها.
2-مرتبة اجتماعية و حاجات اقتصادية: تندرج هذه الحاجة تحت التعصب لسلبياتها فالفرد الذي يعيش تحت ضروف الفقر يجبر بعضهم إلى السؤال الغني الذي قد يحتقر بشكل علني مما يتيح البعض من الفقراء إلى اعتقاد ان له حقا لدى الغني فيحلل له الانخراط في النهب و التعدي على الاخرين بدعوى التحرر من الفقر و اشباع رغباته.
3-التعبير عن العدوان: فالتعصب و ما يعبر عنه من سلوك عدائي يعطي الفرصة لمن يعاني من إحباطات مختلفة عن عدوانه الذي ينتج عن هذه الإحباطات في مجال قد يتسامح فيه المجتمع و بل قد يعمل الآخرون على تنميته ، و يقال في مثل هذه الحالة إن الفرد لجا بصورة لا شعورية إلى الإحلال أو الإبدال و هي حيلة آلية دفاعية لاشعورية يلجأ إليها الفرد حينما يتعذر عليه لسبب و أو لأخر التعبير عن انفعال في مجال جماعته التي اختارها أو ارتبط بها, مثال على ذلك فقد يجد الفرد نفسه غير مقبول اجتماعيا لسبب اضطهاد سياسي, فهو يعبر عن شعوره بالاضطهاد و الظلم بكتابة العديد من المقالات المناهضة للأخر و التي تحمل طابع التعصب و العدوانية فهنا يتسامح المجتمع مع هذا الفرد و يعطيه الدافع للكتابة حول ما يواجه من عنصرية و تعصب من جماعته، يساعده على التنفيس على يدور في خلده من أفكار.. و هذا ما يحدث كأقرب مثال في المنتديات المختلفة حيث يعبر الفرد عن انفعالاته و مشاكله اتجاه مجتمعه و ما يشعره من اضطهاد و هذه المنتديات التي أنشئت لأجل هذا المفهوم، و مما يساعد الفرد على التعبير بحرية هو الكتابة باسم مستعار و من الصعب الاستدلال على صاحبه الحقيقي, فمن النادر من نجد أشخاص يعلنون عن هوياتهم الحقيقة في مثل هذه المنتديات و هؤلاء يجدون المؤديين لهم و المعارضين, ومهما وصلت حدة الخلافات التي بينه و بينهم يبقى الكل يعيش في حالة من الغموض للطرف الأخر, فهو يحاور إنسان لا يعرفه إلا بهذا الاسم المسجل و مع معلومات بسيطة من هنا وهناك يستطيع الأخر إن يستشف منها هوية الشخص الأخر.
و قد يكون الإنسان يرى نفسه انه كذاب و لكنه يتهم الآخرين بهذه الصفة بدرجة شديدة التعصب في المقابل يوجد الكثير من شخصيات في مجتمعة يتصفون بالكذب.
ثانيا: العوامل التي ترتبط بما يحيط الفرد من جوانب اجتماعية و اقتصادية و سياسية و ثقافية:
الأسرة: قد تقوم الأسرة بدور تنمية الاتجاه العنصري لدى أطفالها, و قد يتم هذا الدور بصورة مباشرة عن طريق تلقين الطفل انه ينبغي أن يسلك سلوكا معينا أو يشعر بمشاعر خاصة و إن يكون مدركات معينه حول أفراد الجماعات العنصرية المختلفة.. بل وقد تعاقب الأسرة الطفل إن سلك سلوكا لا يتسق مع هذا الاتجاه العنصري الذي تحاول الأسرة تنميته، و قد يتم هذا الدور بصورة غير مباشرة عن طريق إدراك الطفل لسلوك و والديه و حديثهما عن أفراد هذه الجماعات. و يتضح من ذلك ما يحدث في واقعنا اليومي بان الطفل الذي ينتمي إلى أسرة تعتنق مذهب ديني مختلف, تجدها تغرس في طفلها حب هذا الانتماء و كراهية بقية الانتماءات الأخرى إلى درجة الحقد و التعصب.
جماعة الرفاق و الصحاب أو الجيرة: أيضا لهم دورهم في تنمية هذا الاتجاه فالطفل يكتسب منهم اتجاهاته و قيمه و سلوكه و شان التعصب في ذلك شان بقية الاتجاهات و المعايير.
ما يشيع عن أفراد الجماعة العنصرية من صفات بتناقلها إفراد المجتمع البعض منها يثير النفور و الاشمئزاز و البعض الأخر يثير الخوف و قد يثير الغضب.. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يشيع عن الزنوج اتصافهم بالبلادة و الانحلال الخلقي, الخ مما ييسر للأبيض مواصلة استغلاله و استمرار اعتباره عبدا له, فلا تقدم له من الخدمات ما يقدم إلى الآخرين لأنه قد لا يستحقها و قد لا يفيد منها, و يعاني الكثير من الجاليات العربية في بعض الدول من العنصرية, حيث يعتبر سكان الخليج هولاء الجاليات أناس يتصفون بالفقر و عدم رقيهم اجتماعيا, مهما كان هذا الإنسان من مستوى ثقافي معين يعتبر الدون أمام المواطن حتى لو كان هذا المواطن اقل ثقافة و علما و أخلاقا .. لان للأسف مثل هذه الدول الغنية تظن إنها تشتري الناس بأموالها, حتى إن يصل الامر بدل ما ينادى الإنسان باسمه ينادى بانتمائه أو بجنسيته و كان جنسيته أصحبت موضع استهزاء و سخرية.
تمر الدول بشكل عام بمشاكل كثيرة اقتصادية, دينية, اجتماعية و يحدث عن ذلك وجود جماعات و أنظمة متعددة نظرا لهذه المشكلات, فمثلا الجماعات التي تنادي بالحرية و التي منها حرية المرأة في السعودية لقيادتها للسيارة, أو عملها في أماكن مختلطة, فالبعض من المتشددين الإسلاميون يلقبون هولاء المنادين لهذه الحرية بصفة المنحلين فكريا, فتلتصق بهم هذه الصفة في المقابل يرى المحررين بان المتشددين ليسوا متطورين مع إيقاع العصر الحديث و أنها من ضروريات العصر, فبدل أن كانت المرأة قديما تركب حصان أو حمار فما المانع أن تركب سيارة و تقودها.
كيفية التحرر من التعصب
الفهم السليم للتعاليم الدينية, وعدم ربط الأفعال العدوانية للمتعصبين بالدين.
التعايش السلمي وتقبل الحوار بين الثقافات و الأديان.
التمسك بحقوق العداله التي تضمنتها المعاهدات و المواثيق الشرعية جميعها.
الإعتراف بالخطأ وتقبل النقد من الآخرين.
مقاومة الفتن والإعلام المضلل.
التعاون مع الآخرين والاستفادة مما عندهم من معارف وخبرات
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
اللهم رضاااااااااااااك والجنة