جيل الصحوة

رأيتهم في كل مكان زرته، في بلاد العرب والعجم، في الشرق والغرب، من طوكيو إلى لوس أنجلوس، صوامًا قوامًا، دعاة للحق، هداة للخلق، حراسًا للقيم، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم. إنهم الذين غمروني بحبهم وعطفهم ودعائهم وسؤالهم حتى أنسوني ألم الجسم. إنهم (جيل الصحوة)

حيِّ جيلا بالمكرماتِ تناجى		أثلج الصدرَ صحوهُ ُ إثلاجا
حيِّهم مؤمنين أو مؤمناتٍ		حي فيهم للصالحات انتهاجا
حي جيلا صحا فقرَّتْ عيونٌ		وانتشى الدينُ فرحةً وابتهاجا
وتغنت به أناشيدُ مجيدٍ		أزعجت أعدا الهدى إزعاجا
حي جيلا في طهره مثلَ ماء الـ		ـمُزْنِ ينساب دافقا ثجَّاجا
حي من قام ليلَهُ، والخليّون		نيامٌ لا يرغبون انزعاجا
حي من صام يوم قيظٍ وحرٍّ		اتقاءً لحرِّ يومٍ إذا جا
حي من أحيا سنةً لرسولِ الـ		ـله ماتت، واليومَ تلقى رواجا
حي من بلّغ الرسالاتِ حتى		دخل الناسُ في الهدى أفواجا
نشر الخيرَ في احتسابٍ وصدقٍ		بعد أن هاج الشرُّ دهرا وماجا
رفع الصوتَ بالأمانة جهرا		لم يخفْ لومةً ولا إحراجا
بايعَ اللهَ أن يكونَ له جنـ		ـدًا، وللحقِّ عُدّةً وسياجا
عاملَ الناسَ مثلَ عذبٍ فراتٍ		إن يكن مَنْ سِوَاه مِلحًا أجاجا
عرف الدرْبَ فاستقام عليه		صلْب عود، أبتْ قناه اعوجاجا
ثابت الخَطْو، واضح القصدِ ماضٍ		ليس في الحق مائعا رجراجا
نفسهُ بالإيمان باتت حديدا		إذ نفوسٌ أخرى استحالت زجاجا
رضىَ الله غايةً، وكفاهُ		وارتضى الشرعَ للهدى معراجا
وَأْتَسى بالرسول في كل أمرٍ		وكفاه نورًا له وسراجا
كم أناسٍ قد أخلصوا القصدَ لله		ولكن قد أخطأوا المنهاجا
ليس من كان شيخُه سيدَ الرسـ		ـلِ كمنْ كان شيخهُ (الحلاجا)
جعله اللهَ وحدَه نُصبَ عينيْـ		ـهِ، فطوبَى لمن دعاه وناجى
بالرضا واليقينِ نالَ مُناهُ		حين نالَ الملوكُ عرشًا وتاجا
كم تعيسٍ يحيا بقصرٍ مَشيدٍ		عارىَ النفسِ يكتسى الديباجا

نواصل

إنهم جيلُ صحوةِ (الروحِ) في دنـ		ـيا طغى (الطينُ) في رباها وهاجا
عبدوا اللهَ وحدهَ في زمانٍ		ألَّه (البنكنوتَ) والإنتاجا
وارتقت روحهُم إلى الأفق الأعْـ		ـلى مراسا، لا دعوةً ^([1]) وحجاج
في صلاةٍ تعلو بهم في خشوعٍ		لا صلاة عرجاءَ تبدو خِداجا
في زكاةٍ تطهّرُ النفسَ والما		لَ، وتغني الفقيرَ والمحتاجا
في صيام إن جاعت البطنُ فيه		شبعَ القلبُ باليقينِ ابتهاجا
في ارتحال بالجسم والقلبِ للبيْـ		ـتِ، وللهِ قبلَهُ حُجّاجا
في كتاب يتلونه ليُناجُوا		ربَّهم فيه، وهو نِعْمَ المُناجَى
في دعاءٍ لله يرقى إلى العر		شِ يهزُّ السماءَ والأبراجا
في ابتغاء الإحسان للقاص والدا		نِ، وإن جارَ أو عن الحي عاجا
في الندَى خفيةَ لِعونِ كريم		هان، لكن لا يسألُ الناسَ حاجا
في كفاح الإيذاءِ والظلمِ للخلْقِ		وإن كان هرّةً أو دجاجا
في جهادٍ بالنفس والمال للـ		ـه، ولا غُنمَ يرتجى أو خراجا
لا تلمهم إن هم تفانَوْا وذابوا		هم شموعٌ تَفْنَى، تضيء الفجاجا

نواصل

إنه جيلُ صحوةٍ يتحدّى		كلَّ بَغْى مهما أثار العجاجا
لا يبالي بالتِّبْرِ ينثرُه الكفـ		ـر، ولا اليف يقطعُ الأوداجا
علّموا الشعبَ أن يعيش كريما		لا يولِّى زمامَه (الحَجّاجا)!
حرَّضوه ألاّ يساقَ قطيعا		أوَ تغدو الأسودُ يوما نِعاجا؟!
حَسِبَ الناسُ قبلَه أن صُبْح الـ		ـحقِّ ولَّى، ولن يرى الانبلاجا
وإذا استيأْسَ العبادُ وضاقوا		فارجُ فتحا لأمرهم وانفراجا

نواصل

عالَمُ الكفرِ هاله صحوةُ الإسْـ		ـلامِ، فارتدّ مُحْنَقا مهتاجا
صامت رأسَه وتخطيطَه العا		تي، فأمس يرتجُّ منها ارتجاجا
كان قد نام ملءَ جفنيه لا يخـ		ـشى من الشرق نبضةً واختلاجا
جامعاتٌ عن الجوامع بُتَّتْ		وانثنت للغرب تبغي اندماجا
خرّجت أجيالاً مشوشة الأفــ		ـكار تشكو الفُصامَ أو الازدواجا
عربا مسلمين أصلا وشكلا		ومع الغرب فكرةً ومزاجا
وَهِىَ اليومَ في مراجعة النفْـ		ـسِ عساها تصححُ المنهاجا
وبنُوها ثاروا على غزوة التغريـ		ـبِ. إذ داع قبل حينا وراجا
شرُّ أسرٍ أن تأسرَ العقل في المَرْ		ءِ وإنْ لم تُحْكِم عليه رِتاجا

نواصل

أيها المؤمنون بالغربِ مهلا		إنه مفلس يعانى احتياجا
كيف نرجو من السقيم دواء		وهو يشكو الضنى،ويبغى العلاجا؟
كيف نرجو من السجين مُعينا		وهو في القيد ينشدُ الإفراجا؟
سبُل الغربِ كلها جُحْر ضبٍّ		وسبيلُ الإسلامِ كانت فِجاجا
إنه الغربُ ناصرَ البغىَ إذ أخـ		ـرجَ شعبا من أرضه إخراجا
أيّد الذبحَ في فلسطينَ، في لبــ		ـنانَ، واها هل يذبحون دجاجا؟
أيها الكائدون في الغرب للإسـ		ـلامِ، هلا حاججتمونا حجاجا؟
إن للهِ سنةً سوف تمضى		فاملئوا الأرضَ ضجةً واحتجاجا
خلقَ الليلَ والنهارَ الذي قد		خلق الكون كلَّه أزواجا
لن تردوا ما قدَّر اللهُ من خلْــ		ـقٍ وإن كان نطفةً أمشاجا
أوقفوا الفجرَإن قدرتم،وصدوا الشّـ		ـمس أن ترسلَ السنا الوهاجا
وامنعوا الزهرَ أن يفوحَ شذاه		وامنعوا البحرَ يقذفُ الأمواجا

ونواصل

وأخيراً إخوتي، أبنائي، بناتي، ياحبًا		تِ قلبي، للدين دمتم سياجا
إنني فيكمو أرى خيرَ زرع ٍ		أخرجَ اللهُ شطأهُ إخراجا
غرسُ حق يسرّ كلَّ مُحِقِّ		ويغيظُ الكفارَ والأعلاجا
لست أخشى عليكمو من طغاةٍ		يملكون الجلاد و(الكرباجا)
أو عدوٍِّ أشدَّ في المكر مهما		يك ولاجا بالأذى خرّاجا
أنا أخشى منكم عليكم إذا ما		زرعوا الخُلفَ بينكم والشجاجا
واختلفتم على فروع من الديـ		ـن أرى فيها فسحة وانفراجا
وسمحتم لكيدهم بينكم يسـ		ـعى، لتغدُوا طوائفًا تتهاجى
فاستقيموا على الطريقة صفّا		مثلَ صف الصلاة، يأبى اعوجاجا
وافقهوا الدين رحمة واعتدالا		ليس عنفا أو غلظة وهياجا
افقهوه فكرا وعلما ونورا		ليس جهلا وظلمة ولجاجا
افقهوه دنيا ودينا معا كالــ		ـجسم والروح وحدة وامتزاجا
واعلموا أن الزيفَ لابد مكشو		فٌ، وإن زخرفوه يومًا وراجا