:rzer:يعتبر حي القصبة بالجزائر شاهدا تاريخيا حيا ، فأزقته الضيقة ومشربيات نوافذه وسطوحه المتلاصقة تحكي قصة الجزائريين في عهود عديدة ويقع حي القصبة العتيق في أعالي العاصمة الجزائرية ، ويعتبر من أكبر الأحياء القديمة في الجزائر ، وقد وضع في قائمة المواقع التاريخية التي يجب المحافظة عليها في التراث الجزائري ، وحدد يوم للاحتفال سمي " يوم القصبة " وهو يوم وطني. يوم وطني
احتفلت بيوم القصبة الوطني عدة جمعيات ثقافية في قصر " خداوج العمياء " و "قصر رياس البحر " ، وهناك قصور أخرى تعود إلى الحقبة العثمانية في القصبة كما قال بوثلجة رشيد محافظ التراث ورئيس قسم التنشيط والتوثيق بالمتحف الوطني للتقاليد الشعبية ، في حديث خاص لشبكة إسلام أونلاين ، وبدأ حديثه عن قصر خداوج العمياء ، حيث كان الاحتفال بيوم القصبة الوطني ، بأن القصر ارتبط باسم خداوج العمياء لأنها كانت صاحبة القصر ، ويعود تاريخ هذا القصر إلى العهد العثماني، وقد بناه يحيى رايس أحد قادة البحرية الجزائرية عام 1570 م وفي سنة 1774م اشترى القصر حسن الخزناجي أي مسئول خزانة المال للداي محمد بن عثمان ، وكان حسن الخزناجي له بنتان ، هما خداوج وفاطمة ، وفاطمة هي زوجة الداي حسين حاكم الجزائر العاصمة ، بينما خداوج ارتبط اسمها بهذا القصر ، وتتحدث الأسطورة الشعبية أن خداوج كانت شديدة الجمال ، وقد اشترى لها والدها مرآة ، والمرآة آنذاك تعد شيئا ثمينا جدا وهدية فاخرة ، ويُحكى أنها من كثرة النظر إلى نفسها بالمرآة فقدت بصرها ، لذلك سميت خداوج العمياء ، وسكنت بهذا القصر فنسب لها وأصبح يسمى " قصر خداوج العمياء". وتركت تلك الحكاية بصماتها في العادات والمعتقدات الجزائرية الشعبية التي توصي بعدم النظر كثيرا في المرآة لأن ذلك يسبب العمى. وأسطورة خداوج العمياء أخذت شهرة نظرا لمكانتها الاجتماعية وأصلها ، فهي ابنة أحد كبار أعيان الجزائر في الفترة العثمانية ، وأختها زوجة الداي حسين حاكم الجزائر ، وذات جمال ساحر".
ويتحدث بوثلجة عن أهمية قصر خداوج العمياء بأنها تأتي " من الجانب المعماري ، فبناؤه من الطراز الإسلامي العثماني من حيث تصميم المدخل ، وصحن الدار والطابق الأول ، والزخرفة ، وهي عناصر معمارية ذات جودة عالية ميزت العمارة العثمانية ، كل أبنية القصبة على نفس الطراز ، صحن دار مربع وعلى جوانبه غرف الدار ، وفي وسطه بركة ماء تتوسطها نافورة ماء ، ثم طابق ثاني فوق الغرف السفلية ، والفسحة السماوية مغطاة بالزجاج " .
مع التاريخ
الجزائر معروفة منذ الفينيقيين كانت عبارة عن ميناء تجاري وكانت تسمى عند الفينيقيين " إيكوسيم " ، وفي العهد الروماني " الجزائر الرومانية " تشهد عليها الآثار الرومانية الموجودة بمدخل القصبة ، وفي الفترة بعد الحقبة الرومانية وقبل مجيء العثمانيين كانت فترة السكان المحليين من سهل المتيجة ، والمناطق القريبة من الجزائر العاصمة ، كانوا يمتهنون الزراعة ، والتجارة في ميناء الجزائر بالمقايضة مع التجار من مختلف بلدان البحر الأبيض المتوسط ، فتكونت مدينة تابعة لقبيلة بني مزغنة ، وكان الملك أو الرئيس يدعى سليم تومي ، كان يمثل شعب الجزائر في عُرف بجزائر بني مزغنة . ويحدها من الشرق أمارة الحماديين وفي بجاية ، وفي الغرب الزيانيين في تلمسان ، وبدأت الجزائر تكون نفسها كقوة تجارية ، حاول الاسبان الاستيلاء على مدينة الجزائر وحتى البرتغاليين وحتى الإنكليز حاولوا أيضا الاستيلاء على مدينة الجزائر ، فلم يكن لدى الجزائر قوة كبيرة لتدافع عن نفسها فطلبوا من الأخوة عروج وخير الدين بربروس لمساعدتها في الدفاع عنها ، فاستجابوا لدعم ملك الجزائر وطردوا الاسبان الذين كانوا يحاصرون مدينة الجزائر ، ومن ثم بدأت الفترة العثمانية أو ما نسميه الانتداب العثماني على مدينة الجزائر مع بداية 1519 م واستمر حتى الاحتلال الفرنسي 1830 م .
وبنى العثمانيون أول دخولهم الجزائر قصرا في أعالي الهضبة ، سمي بالقصبة ، والقصبة تعني باللغة التركية " الحصن " ، ومن هنا جاءت تسمية القصبة . ويعتبر حي القصبة بموقعه ومعالمه التاريخية وهندسته المعمارية شاهدا على ذاكرة وتاريخ الشعب الجزائري لأنه يحتوي على أكبر تجمع عمراني تعود للعهد العثماني ، ومنها قصر مصطفى باشا وقصر دار الصوف قصر سيدي عبد الرحمن ودار عزيزة بنت السلطان وقصر دار الحمرة ، وقصر أحمد باي .
الثورة
وكان للقصبة دور كبير في ثورة تحرير الجزائر التي انطلقت عام 1954 في عدة مناطق ، منها حي القصبة حيث كانت معقلا للثوار ، واشتهر الحي العتيق بعد معركة الجزائر الشهيرة ضد الاحتلال الفرنسي كما قال بوتلجة " كان أغلب الفدائيين يسكنون في مدينة القصبة ، أو يتم التخطيط للعملية الفدائية في القصبة ، أو يختبئون في القصبة لصعوبة مداهمة العسكر الفرنسيين للقصبة بسبب طبيعة عمرانها ، بيوت متلاصقة وأزقة ضيقة ، وطرق عبارة عن أدراج لا تدخلها آليات عسكرية ، وكانت الطريقة الوحيدة للمستعمرين الفرنسيين للقضاء على الفدائيين بمحاصرة القصبة بمداخلها الرئيسية ، لكن هذا لم يجد نفعا في إخماد الثورة الجزائرية ، لأن التفكير لدى قيادة الثورة الجزائرية والهدف هو الاستقلال ، وأمام هذا الهدف حتى الأسلاك الشائكة المكهربة لم تنفع الفرنسيين في الحد من أعمال الفدائيين " ، ويضيف محافظ الأثار بوثلجة " النمط العمراني في القصبة شجع ودعم العمل الفدائي ، لأن الجندي الفرنسي إذا دخل القصبة يكون دخل متاهة لا يعرف كيف مكان دخوله ولا مكان الخروج ، والبيوت متصلة فيما بينها بعيدا عن الشارع ، فجعل التقارب بين العائلات ، فأي فدائي تطارده قوات الاستعمار يختفي بسرعة بالمنازل عبر الأسطح المتلاصقة " .
ورغم الجمالية العمرانية للقصبة لم تتورع فرنسا عن ضرب مناطق فيها بالقنابل كردة فعل على عملية فدائية قتل فيها فرنسيون وانتقاما من المجاهدين بضرب العائلات ،وهذا أدى إلى تدمير جزء كبير من القصبة .
وعما إذا كانت الجزائر تطالب فرنسا بالتعويض عن تدمير الآثار في القصبة وهي المصنفة لدى اليونسكو من التراث العالمي ، يقول بوثلجة " لو حاولنا المطالبة على الآثار التي دمرتها فرنسا والآثار التي سرقتها من الجزائر ومعروضة في المتاحف العالمية لا تكفي كنوز العالم ثمنا لها لإعادة واحد بالمائة من الأشياء التي دمرتها فرنسا ، فرنسا دمرت الذاكرة الجزائرية ، دمرت تاريخ الجزائر دمرت العمران الجزائري دمرت العائلات الجزائرية قامت بتجارب نووية في الجنوب الجزائري ، باختصار حاولت فرنسا نزع الهوية الجزائرية بأي وسيلة ولكن الحمد لله أن الرجال قاوموا هذا النوع من الاستعمار وإن شاء الله الأجيال القادمة تعمل في إحياء الهوية الوطنية والحفاظ عليها والاستمرار ببناء الجزائر " .
تقاليد
وتقول ليلى بن ناجي رئيسة جمعية قلعة للثقافة والتراث والحرف التقليدية في حديث خاص لشبكة إسلام أونلاين: قمنا بإحياء اليوم الوطني للقصبة بتنظيم حفلة فنية تجمع التقاليد الشعبية بالقصبة من خلال العرس التقليدي ، والحنة للعروسين والبوقالات وهي لعبة الفأل كانت التسلية الوحيدة لنساء قراصنة القصبة في غيابهم لأشهر عديدة ، فيجتمعن في بيت إحداهن والبيوت متواصلة مع بعضها ، وترمي المرأة خاتمها بالإبريق المسمى البوقال وتحكي لها امرأة أخرى الفأل ، والذي غالبا عن قدوم الغائب أو حمل في الطريق ، وشمل الحفل الزرناجية وهي موسيقى الأعراس الشعبية ، وفي ختام الاحتفال بيوم القصبة عزفت فرقة منظمة الشباب الشهيد محمد حيرش موسيقى الأندلسي العاصمي " الصنعة " ،وتؤكد السيدة بن ناجي على هدف الجمعية هو " المحافظة على التراث ".
وفي قصر رياس البحر الواقع عند أقدام القصبة احتفلت جمعيات أخرى بيوم القصبة . واللافت ذاك التشابه بين الهندسة المعمارية للقصرين ، الأعمدة الرخامية وصحن القصر والأبواب ذات الأقواس ، والزخرفة الإسلامية والنوافذ والسقوف والأدراج .
حي القصبة من الأماكن التي ألهمت الكاتب الجزائري المرحوم محمد ديب في رواياته منها " دار السبيطار" و" الحريق " و " الدار الكبيرة " ، روايات وقعت أحداثها في القصبة ، وتروي معاناة الجزائريين في سنوات الخمسينات على أيدي الاستعمار الفرنسي .
كما كتب ياسف سعدي أحد قادة الثورة الجزائرية كتابه " معركة الجزائر " من واقع تجربته ، وتحول الكتاب إلى فيلم بنفس الاسم ، عرضته دور السينما الأوربية وحتى الأمريكية .
ويتميز حي القصبة بأزقته الهابطة والصاعدة والمتعرجة ، وتسمى " زنيقات " ولكل منها نشاطها الحرفي فهناك " زنيقة العرايس " و " زنيقة الحدادين " و" زنيقة النحاسين " . ومن يزور الجزائر لا تكتمل زيارته ما لم يزر القصبة وزنيقاتها ، وباب عزون وسوق الجمعة .
ولكن ورغم تصنيفها بالتراث العالمي عام 1992 لدى اليونسكو تعاني القصبة من الإهمال وتهدم الكثير من أبنيتها
وهذااااااااا
منقول تقديرااا
لاصدقائى فى المنتدى
:02:
يااااارب ارزقنى واياكم الاخلاص