ابو العزم سيدي رحال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و آل محمد

لقد رأيت أن اعرف بأحد أعلام المغرب خلال القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، و هو الشيخ العالم الصوفي ابو العزم محمد بن الحسن بن القاضي الشهير عند المغاربة بسيدي رحال، و اعتمادي في هذا الأمر هو على الله عز و جل ثم على كتاب منهج الإرتحال الى معرفة الشيخ سيدي رحال، لصاحبه الشريف سيدي محمد العربي بن البهلول الرحالي.
يقول المؤلف رحمه الله.

بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و على جميع التابعين لهم باحسان الى يوم الدين و بعد فهذه الورقات تشتمل ان شاء الله على التعريف بالشيخ العارف بالله سيدي محمد بن أحمد بن الحسن الشهير عند المغاربة بالشيخ رحال البدالي و بالشيخ رحال الكوش دفين بلد زمران في طرف الجبل الذي بينهم و بين البرابر
كان من مشايخ القرن العاشر المتوفى عام خمسين و تسعمائة هجرية، و سمينا هذا الكتاب بمنهج الإرتحال إلى معرفة الشيخ رحال أما الفصل الأول وهو ما يتعلق بنسبه فقد ذكر الشيخ الإمام سيدي أحمد بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن عبد الرحمن العشماوي في كتابه جامع الأنساب النبوية و قد اشتهر بالعشماوي، أن نسب سيدي رحال يتصل بالشرفاء الحسنيين بواسطة مولاي سليمان ابن عبد الله الكامل فقال في أول نسبه هو محمد بن أحمد بن الحسن بن القاضي إلى ان قال في آخره ابن سليمان بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن فاطمة رضي الله عنها و قال فيه القاضي المراكشي الفقيه العباس بن ابراهيم في كتابه الذي سماه الإعلام بمن حل بأغمات و مراكش من الأعلام ناقلا عن الفقيه العالم سيدي محمد بن العربي بن ابراهيم السملالي البعقيلي الآدوزي المتوفى خامس عشر حجة الحرام عام 1323، ان نسبه رحال بن احمد بن الحسن بن القاضي بن عبد الواسع بن ابراهيم بن عبد السلام بن عبد الواسع بن ابراهيم بن عبد السلام – مكررا في الأسماء الثلاثة – بن محمد بن عبد الله بن سفيان بن جاهر بن علي بن سليمان بن عبد الله الكامل الى آخر النسب المشهور أصل اسلافه من تمدولت و هي مدينة قديمة عظيمة كان بها معظم قبائل جزولة اهـ من الجزء السادس من كتاب الإعلام فقد اتفق النسب الذي ذكره العشماوي مع النسب الذي ذكره الآدوزي في أول النسب و في آخره و وقع الإختلاف في الوسط و في كتاب الإعلام ما نصه : و قال: في المجد الطارف و التالد بعد أن ذكر الإمام الجزولي ما نصه و لا شك أن الشرف وشيج العراقة في سملالة من قديم لكونهم آوو الأدارسة و السليمانيين بعد اجلائهم و خلعهم شارة الشرف و اختفائهم في القبائل و لبسهم عباءة البداوة و استوائهم مع العامة حتى نسوا نسبهم ثم ذكر أن مشاهيرهم بعد الجزولي القطب سيدي احمد بن موسى و سيدي رحال البدالي.
و هذا نص الجواب عن رسالة كان بعث بها الشيخ سيدي محمد العربي بن البهلول الرحالي إلى السيد الشريف احمد بن محمد بن العربي و قد جاء فيها ما يلي يقول الشيخ محمد العربي بن البهلول الرحالي :
و بعد وقوفي على هذا النسب المذكور في كتاب الإعلام ناقلا عن الشيخ سيدي محمد بن العربي الأدوزي كتبت كتابا تضمن أبياتا للفقيه البركة السيد أحمد بن محمد بن العربي المذكور طلبت منه أن يبين لنا ما صح عندهم في نسب جدنا الشيخ سيدي رحال فأجابني كتابة بخط يده و طبع على كتابه بطابع مكتوب بداخله احمد بن محمد الأدوزي و هذا نص كتابه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي لا إله لنا سواه و صلى الله على سيدنا و مولانا محمد النبي الأواه و على كل من نصره من حزبه و آواه فضيلة الأخ قرابة الفقيه النبيه سيدي محمد العربي بن البهلول الرحالي المستوطن بقلعة السراغنة بزاوية سيدي عبد الرحمن سلام عليكم و رحمة الله و بركاته، عن خير مولانا دام عزه و علاه و بعد فجوابي لحضرتكم عما سألتمونيه في نظمكم في شأن ما يتعلق بخبر جدكم الشريف أخينا نسبا الولي الصالح سيدي رحال البدالي نزيل انماي أي بفتح الهمزة و الميم المشددة آخره ياء ساكنة بعد ألف، من حوز مراكش هكذا بخط الشيخ الوالدرحمه الله تعالى هو ان الذي نعلمه و تقرر لدينا و ألفيناه مسطورا بخط والدنا سيدي محمد بن العربي السملالي المتوفى في خامس عشر من ذي الحكة عام 1323 ان الشيخ المسئول عنه رضي الله عنه و عنا به شريف من شرفاء سملالة ينتهي نسبه الى سيدنا الحسن بن علي كرم الله وجهه كغيره من شرفاء سملالة و أن أسلافه اصلهم من تمدولت و هي التي كان بها معظم قبائل جزولة في الزمن الأول ثم خربها قبائل مجاطة ثم تفرقت قبائلها و ذكر الوالد رحمه الله أن الشيخ سيدي رحال البدالي كان من تلامذة الشيخ التباع و له عقب كثير يتوارثون عن اسلافهم احوالا خارقة تخالف السنة من أكل الحيات و دخول النار و وضع الحديد المحمي في أفواههم إلا أن الوالد قدس الله روحه اعترض ما قاله الشيخ سيدي محمد الأمين الصحراوي المراكشي من أن سيدي رحالا المذكور هو ابن عم سيدي أحمد بن موسى و الله أعلم بما في نفس الأمر و أيا ما كان فنحن لا نعرفه الا من شرفاء سملالة الحسنيين و عبارة الوالد هكذا. و من مشاهير سملالة ايضا الولي الشهير سيدي رحال البدالي بن أحمد بن الحسن بن القاضي ثم رفع نسبه متصلا الى سيدنا الحسن السبط رضي الله عنه و كتب الوالد عليه في طرة انه توفي في آخر العشرة الخامسة من القرن العاشر يعني في نصف القرن العاشر 950 و في هذا كفاية نفعنا الله و اياكم بالأولياء و الصالحين و حقق لنا و لكم الإنتساب و أبعدنا و إياكم ممن يستلذ بالطعن في الأنساب آمين و السلام في 01 جمادى الثانية عام 1369
عبد ربه الضعيف، أخوكم نسبا أحمد بن محمد بن العربي السملالي أصلا البعقيلي وطنا الآدوزي .

و هذا نص جواب عن رسالة اخرى توجه بها الشيخ محمد العربي بن البهلول الرحالي الى قيم الزاوية الناصرية الكبرى بتامكروت فقال رحمه الله :
و قد كنت كتبت أيضا للزاوية الناصرية الكبرى بتمكروت بسبب ما نعلمه بين أسلافنا و أسلافهم من الإتصال و المودة المتبادلة و الأخوة المتواصلة بيننا و بينهم على التوال و طلبت منهم الجواب في هذا الموضوع بابيات و هي هذه:
يا دار علم و الولاية و التقى ياآل جعفر السني الطيار
يا بني ابن ناصر الفريد في عصره نجم الورى و سلالة الأخيار
ابنا محمد الضراغم في ميا دين العلوم و نخبة الأحرار
اني بمجدكم ابن ناصر الرضى العالم المحبوب ذي الأسرار
أممتكم لبيان ضئضيء جدنا الشيخ رحال البدالي الساري
و لقد أجاد كبيرهم و صفينا عبد السلام الحافظ الاخباري
لما أجاب بان جدنا اصله من تمدولت أقا بلا انكاري
و هذا نص الجواب الذي كان ورد علينا من الزاوية الكبرى الناصرية تمكروت بخط رئيسها إذ ذلك المرحوم بكرم الله الفقيه العلامة السيد عبد السلام الناصري قال فيه رحمه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و ىله و صحبه و سلم
مجادة صفينا الفقيه الأبر الكوكب الأغر حضرة سيدي محمد العربي بن البهلول الرحالي بزاوية سيدي عبد الرحمن بقلعة السراغنة اسعدك الله و حفظك بعين الرعاية و لاحظك بكل العناية و وفقك و أولاك و جمل بتقواه حلاك، السلام عليك و رحمة الله و بركاته، نحمد اليك الله الذي لا غله غلا هو حمدا يرضيه و بعد:
فقد اتصل بيدنا ميمون كتابكم و لذيذ خطابكم و اطلعنا على ما كتبتم من انكم ترغبون فيما نعلم عن ترجمة الشيخ الشهير و القطب الخطير سيدي رحال الذي ينتمي اليه نسبكم الأصيل و حسبكم الثيل و عما ثبت عندنا في شريف نسبته و عريق مجده و رتبته فعليه ننهي الى حضرتكم بالذي في علمنا أن الشيخ المذكور رضي الله عنه شريف حقيق حسيب عريق اصله من تمدولت القرية المشهورةبوادي أقا حتى نسبت اليه فيقال تمدولت نواقا و أن والده سيدي البوداني مدفون بخميس المحاميد أرض الغزلان ببور هناك تجاه مدشر يدعى بونو قرب ولي الله سيدي ابي اسحاق دفين قرية تدري و قد زرناهما معا عام 1352 لما عزمنا على الحج و شددنا الرحال لزيارة الأولياء من سيدي سعد بافلا ندري الى سيدي ابي اسحاق الآنف الذكر و هذا ما في علمنا و في عريب فرقة تسمى الابادين تنسب لسيدي البوداني و في نسبتهم اليه اضطراب فمنهم من ينتسب اليه على انه لهم جد يتصل به عمود آبائهم و منهم من يذكر انهم كانوا يخدمونه حتى نسبوا اليه و الله اعلم بحقيقة الأمر و على كل فشرفه رضي يالله عنه محقق مستفيض عند الخاص و العام، أما سيدي عبد الرحمن دفين القلعة فكان يقرأ بزاوية تمكروت و له اتصال باشياخنا طريقة نفعنا الله و إياكم بالجميع آمين و حقق النسب و الحسب و رزقنا و إياكم التوفيق و الإعانة لاقتفاء سيرة السلف الصالح و الحذو حذو سعيهم الناجح آمين و على المحبة و التماس صالح أدعيتكم كما نحن لكم بها و السلام في 05 ربيع الثاني سنة 1369 و ختم على كتابه بطابعه مكتوبا بداخله ( عبد السلام بن أحمد بن أبي بكر الله و ليه) انتهى من لفظه و خطه مباشرة.

و الـــــــســــــــــــلام و بالله التوفيق

زائر

الزاوية الرحالية
تنسب إلى الولي سيدي رحال البدالي دفين زمران القريبة من السراغنة والذي تجدر الإشارة إلى أنه أحد متصوفة مغرب القرن 16م المشهورين، وذوو الأتباع الكثيرين بالسراغنة خاصة وزمران، حيث هؤلاء وغيرهم من القبائل المجاورة يزورون ضريحه خاصة قبيل عيد الأضحى من كل سنة، ويسمونه بحج المسكين أو الطوفة محاولين صعود خلوته (للا كركابة ومجمع الصالحين) كما يلقبونه بمحرك السبع في دار السلطان، ومن الزوايا التابعة لزاويته بمدينة سيدي رحال، في السراغنة، زاوية حفيده بويا عمر على واد تساوت، وزاوية أخيه سيدي أحمد بن عبد العزيز بالعطاوية وزاوية سيدي محمد بالصهريج، أخ هذين الأخيرين ثم زاوية مولاي رحال، وزاوية سيدي عبد الرحمان بقلعة السراغنة ومعلوم أن الولي سيدي عبد الرحمان هذا، وهو المدعو بابن عبد الكريم أو ابن عبد الكرم هو أيضا من سلالة سيدي رحال البدالي، أما الزاوية الرحالية بالقلعة الراشية (المدينة العتيقة)، فقد أسسها هناك الولي سيدي الحاج محمد الرحالي في نهاية القرن 19م، وجعلها لتلقين الطريقة الرحالية وتحفيظ القرآن الكريم للطلبة (المحضرة والمسافرية)، وقد تركها في مطلع القرن 20م لخلفه من الرحاليين أيضا الفقيه محمد العربي بن البهلول، وهذا بعد أن رحل إلى تملالت، فتكاثر مريدوها وزادت شهرتها، ولأن أتباع هذه الزاوية يجتمعون في الأعياد الدينية لتوطيد الصلة، وخاصة عيد المولد النبوي الشريف حيث يعكفون على ترتيل القرآن الكريم وتلاوة المديح النبوي الشريف ومن ذلك ما نظمه ابن البهلول المذكور في إحدى المولديات الطويلة ومنها قوله:
يا نبيا من نوره الأنبيــاء
كيف يحصي مديحك العلماء
أنت شمس هم الكواكب من
نورك حقا كانت لهم أضواء
ومازالت هذه الزاوية تؤدي مهمتها العلمية والتربوية الروحية إلى يومنا هذا، وتعرف
إقبالا من الطلبة والمريدين مما زاد في تألق نجمها كمنارة علمية وسبيل للهداية والرشاد
والتطهير النفسي والروحي.
نشر المقال بجريدة بيان اليوم يوم 23/10/2008

مامعنى السادة الأشراف من فضلك