عرفت جلسة بمحكمة الجنح بسطيف، تراجيديا اجتماعية حقيقية، جعلت كل الحضور، بمن فيهم قاضي الجلسة، يذرف الدموع لحال والدين تعرّضا للضرب على يد فلذة كبدهما. القاضي الذي لم يجد بدا من تناول حيثـيات القضية بكل تفاصيلها، أخذ نفسا عميقا وخاطبه قائلا: ''أنت ولد عاق، والقانون يفرض عقوبة 10 سنوات على المتعدي على الأصول بالضرب''.

تعود تفاصيل القضية إلى نهاية شهر أوت الماضي، حيث جاءت على إثر شكوى تقدم بها الوالد المدعو ''س.م'' رفقة زوجته ضد ولدهما ''س.ع''، الذي يبلغ من العمر 27 سنة. إذ ورغم أن الوالد الطاعن في السن معاق بنسبة 100 بالمائة، وبذل جهدا كبيرا في الوصول إلى المحكمة، إلا أنه رفض أن ينطق بكلمة ''أسامحه'' أمام القاضي، وفضل أن يترك الكلمة للأم التي سردت معاناتها مع الولد العاق، وهي تذرف الدموع بحرقة كبيرة أمام مرأى ومسمع من ولدها، قائلة للقاضي: ''يجب أن يدخل إلى السجن، هو يضربني باستمرار، ويضرب والده المعاق، يسلبني كل ما أملك من أموال منذ سنوات ليستهلك المخدرات والحبوب المهلوسة، إن كان يستحق العلاج أدخلوه المصحة، لكن لا يجب أن يعود إليّ''. وما زاد في غرابة القضية، أن الإبن اعترف بضربه والديه، بعد أن أكد أبوه بأنه قذفه بقارورة ماء جامدة على مستوى الرأس وهدّده بالسلاح الأبيض، مما سبب له جرحا على مستوى الرأس. ورغم محاولة القاضي استمالة عواطف الوالدين وتذكيرهما بأن العقوبة كبيرة إن لم يغفرا له، إلا أنهما أصرا على معاقبته حتى لا يكرر فعلته، خاصة أن أثاث المنزل الذي حطمه مايزال شاهدا على ذلك، مما جعل كل من في القاعة يذرف الدموع على حال هذين الأبوين، مع جرأة كبيرة للولد العاق الذي اعترف بأنه يتناول المخدرات أمام الجميع. وبإلقاء نظرة على ملف المتهم، وتحديدا في صحيفة السوابق العدلية الخاصة به، تبيّن بأن لديه سجلا حافلا في نفس التهم بعد أن اعتدى على والديه أكثـر من مرة، لكنهما يسارعان في سحب الشكوى خوفا من سجنه، في انتظار حكم القاضي الأسبوع القادم.