نكبتنا اليوم

زائر

بمناسبة يوم اللاجىء العالمى أحببت أن ألقى الضوء على اللاجىء الفلسطينى من خلال هذه المقالة.

اليوم الذى يحمل اسمه العالمية ولكنه يكاد يختص بنا وحدنا فلا توجد فى العالم كله قضية لاجئين بحجم اللاجئين الفلسطينيين، فلنا الخصوصية بذلك ولاسيما أن أكبر نسبة لاجئين فى العالم هم من الفلسطينيين والتى بدأت قضيتهم منذ 1948 ولم تنتهى حتى الآن ولم يسمح لهم بالعودة . وهنا أحببت أن أقدم لكم هذه المقالة بهذه المناسبة.

بقلم : صلاح صبحية

ها نحن في شهر أيار، ولشهر أيار وقع ٌخاص ٌ لدى الشعب العربي الفلسطيني، فهو شهر النكبة، شهر التشرد واللجوء، شهر بداية الانتظار بالعودة إلى أرض الوطن،

ولكنّ أيار يذهب مع أيام السنة ليعود ثانية ًوثالثة …، ويعود أيار هذا العام للمرة الثانية والستين والشعب العربي الفلسطيني ما زال يعيش في التيه، بل أنّه كلما اشتد الخطب في بلد ٍعربي تزداد مساحة التيه الفلسطيني، من الأردن .. إلى لبنان .. إلى الكويت .. إلى العراق ، يكون اللاجىء الفلسطيني كبش َالنكبة المستمرة، فتفتح آفاق تيه ٍجديد، فيُـدفع بالفلسطيني إلى البرازيل والأرجنتين وإلى الدول الإسكندنافية واستراليا، حيث تضيق أرض العرب ، بما رَحُبت ،على الفلسطيني ، فيجد في البرازيل وغيرها حضناً أدفأ من حضن كل الأنظمة العربية رُغم قساوة العيش ومرارتها في أماكن اللجوء البعيدة .

إنه أيار الشهر الذي ينعش ذاكرة الفلسطيني على حيفا ويافا وعكا وصفد، هذه المدن وغيرها كما البلدات والقرى الممتدة على مساحة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948، والتي هي دائماً وأبداً في مشهد اللجوء الفلسطيني، فلا يستطيع مقص الرقيب قصًها من ذاكرة اللاجىء الفلسطيني ، لأنّ الفلسطيني الذي ما زال يحمل مفتاح بيته وكوشان بيته لا تستطيع كل أدوات الرقيب أن تشطب تاريخه وتلغي جغرافيته ، فالمفتاح والكوشان شاهدان دائمان على جريمة ارتكبها الاستعمار بحق الشعب العربي الفلسطيني يوم حلت النكبة به ، فالنكبة في أيار عام 1948 وأيار يعود علينا في كل عام أكثرَ سوداوية ًوأكثر مأساوية .

يعود أيار في كل عام لنعيش نكبة جديدة ، وتيهاً جديداً ، ليس في المكان وحسب ، وإنما تيه ٌ في الزمان وتيه ٌفي التاريخ وتيه ٌ في السياسة وتيه ٌ في العقل والوجدان ، فهنالك من هو منا وفينا أصبح يعتبر أنّ حيفا ويافا وعكا وصفد قد أصبحت من التاريخ علينا نسيانها ، ولم تعد الجليل كما المُثلث والنقب أرضاً فلسطينية ، فالشرعية الدولية قد أقرت واعترفت بأنّ أرض فلسطين المحتلة عام 1948 ليست أرضاً فلسطينية ، بل هي أرض لبني صهيون ، ومن المؤسف حقاً أنّ بعض الفلسطينيين قد صدّقوا هذه الكذبة الكبرى ، وساندهم في ذلك بعض العرب المتخاذلين الذين أبرقوا لقادة العدّو الصهيوني يباركون لهم ذكرى يوم استقلالهم من نير الاحتلال الفلسطيني ، وتخلصهم من الشيطان الفلسطيني الذي كان يستولي على أرضهم ! .

فقد صدّق هؤلاء العرب رؤيا الصهاينة بأنّ فلسطين هي أرض بلا شعب فيجب أن تكون لشعب بلا أرض ، هو مشروع استعماري استيطاني كان منذ أكثر من قرن من الزمان ، هدفه الوطن العربي كله بأرضه وشعبه وليس أرض فلسطين وشعب فلسطين وحسب ، هو مشروع يستهدف الأمة العربية بكل مقوماتها الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية واللغوية والحضارية ، فبدل أن ينتصر القادة العرب لوجودهم فإذا بهم ينتصرون لوجود العدّو الصهيوني جاثماً على صدورهم ، من مشرق الوطن العربي إلى مغربه ، فتصبح أبواب العرب مُشرَعة للعدّو الصهيوني ، فلذلك أصبحنا نرى الصهاينة وبعد عقود ستة مضت على النكبة يتواجدون سياسياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً ورياضياً ، في العديد العديد من الدول العربية ، وأصبح الصهيوني يدخل الموانىء العربية دون أن يعبأ بتأشيرة الدخول إلى تلك الدول العربية التي أصبحت لا تعرف الحياء ولا الخجل ، وهي تستقبل الصهاينة بكل رحابة صدر ، بينما الفلسطيني ممنوع عليه أن يختلس النظرَ إلى تلك الموانىء العربية لكونه فلسطينيا ، لأنّ الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ، وكل فلسطيني حي ٌ هو إرهابي ، وما زلت شخصياً أقهقه منذ أكثر من عام عندما رفضت إحدى الدول العربية منح َزوجتي تأشيرة دخول إلى أراضيها وذلك لأسباب أمنية .

إنها النكبة الفلسطينية المتجددة في ذكراها كل عام ، بل إنها النكبة الفلسطينية المتراكمة على مدى عقود ستة ، حتى أصبحت أعلى من قمة (إفرست) ولكن دون أن يسعى أحد إلى الوصول إليها واكتشافها ، مع أنه من السهل ولوجُها والدخول في متاهاتها لمعرفة أسباب زوالها ، ولكن لا أحد يريد لهذه النكبة أن تزول ، لأنه لا أحد يريد أن تزلّ قدمه بهذه النكبة لكي لا يزول . ولكي تبقى النكبة قائمة لابدّ من دقّ أسافينها في الأرض ، وهنا تكمن نكبة النكبات وذروة إنهاء الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين المحتلة عام 1948 ، وذلك بتأكيد بعض الفلسطينيين المتواصل على حل الدولتين كمدخل استراتيجي لإحلال السلام في المنطقة العربية ، بحيث تستطيع الحركة الصهيونية تحقيق استراتيجيتها الجديدة بالسيطرة على كامل المنطقة العربية سياسياً واقتصادياً ، وذلك انطلاقاً من المقولة الصهيونية الجديدة والتي تقول بأنّ الدولة الكبرى ليست الدولة التي تسيطر على أكبر مساحة من الأرض ، وإنما هي الدولة (وإن كانت مساحتها صغيرة ) التي تسيطر على سياسة واقتصاد الدول الأخرى وتجعلها تابعاً لها .

فلذلك يصر ُنتنياهو على الحل الاقتصادي الذي من خلاله يستطيع الفلسطينيون العيش بأمن وسلام في دولة لا تحمل مقوًمات الدولة ، وما حل ُ الدولتين إلا تكريس للنكبة وتجديد لها ، فالجانب الصهيوني يعمل جاهداً ، وليلاً نهاراً ، على تكريس يهودية دولته التي من خلالها يستطيع تطبيق سياسة الإبعاد والطرد للفلسطينيين المُتجذرين في أرضهم الفلسطينية ، في الساحل الفلسطيني وفي الجليل وفي المثلث وفي النقب ، لذلك فإنّ حلّ الدولتين لا يعني لدى اللاجىء الفلسطيني سوى شطب حقه في العودة إلى دياره وممتلكاته التي طُرد منها عام 1948، فهل مطلوب من الفلسطيني أن يعيش نكبة جديدة ؟

. وفي الذكرى الثانية والستين للنكبة ، يعمل بعض الفلسطينيين على شطبها من خلال شطب حق العودة إلى أرض فلسطين عام 1948 وجعل عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى دولة سلام فياض الموعودة في آب عام 2011 ، تحت حجة أنّ هذه الدولة القادمة هي دولة كل الفلسطينيين ، وكأنّ هناك من يدعو اللاجىء الفلسطيني ليعيش لجوءاً ومأساة جديدة ، فالفلسطيني يجب أن يبقى يعيش الاغتراب وفقدان الوطن ، وأن لا يبرأ من الآلام التي تحقق ساديًة الآخرين وهم يعيشون لذة الألم الفلسطيني .

وفي الذكرى الثانية والستين للنكبة ، والتي يعمل البعض على تكريسها دون أن تكون دافعاً لعودة الحقوق إلى أصحابها ، نجد الصهاينة يتقنون فن خداع العالم بما يسمونه "المحرقة" ، لذلك نراهم يجعلون العالم يعيش آلام محرقتهم المزعومة فتكون الوسيلة لنيل عطف العالم عليهم ، بينما نجد العرب عامة والفلسطينيين خاصة ، لا يستطيعون تسويق نكبتهم إلى العالم كأكبر جريمة ترتكب في تاريخ البشرية ، وهي اقتلاع شعب من وطنه وطرده يَهيم على وجهه في جهات الأرض كلها .

فإلى متى سنبقى نعيش نكبتنا ؟، وإلى متى سنبقى وحدنا نتحمل مأساة النكبة ؟ ، وإلى متى سنبقى لا ننقل نكبتنا بشكل جدّي إلى كل محفل دولي متمسكين بكافة حقوقنا التاريخية والجغرافية والإنسانية والسياسية ؟، فنكبتنا اليوم أصبحت من صنع أيدينا إن نحن عملنا على شطب حق العودة من خلال حل الدولتين ، وإلى متى سنبقى نعيش تحت سيف تهمة الإرهاب لنا ونحن أصحاب الحق في فلسطين كل فلسطين

-------------

فلسطين ـ ترشيحا

في 5/5/2010

صلاح صبحية

إذا وقف الإنسان والزمان ضدي فأنا فلسطيني أعشق التحدي

» استقلالهم نكبتنا (نحن و.......هم)
» حدث في مثل هذا اليوم 11 فبراير
» اليوم والغد
» صحتك اليوم
» صحتك اليوم 2