رد على المتباكين على تجسيد الحسن والحسين
نورالدين المالكي / باحث في عقائد الشيعة
بعد إنتاج المسلسل وعند عرضه تعالت أصوات تستنكر تجسيد الحسن والحسين رضي الله عنهما. عند مشاهدتي للمسلسل استغربت جدا من هذه الأصوات وكان سبب استغرابي أمور منها:
الأول: أن المسلسل يروى أحداثا تاريخية وجب توضيحها، خاصة أن بعض مرضى النفوس يستغلون الخلافات بين الصحابة رضوان الله عنهم لطرح شبهاتهم، ويجعلون ذلك مدخلا على عوام الناس للطعن في الصحابة، والبعض الآخر يعتبر سكوت أهل السنة والجماعة عن الكلام في تلك الحقبة من التاريخ عجز. المسلسل أظهر عكس ما كان يذهب إليه هؤلاء، فأحفاد عبد الله بن سبأ يستغلون الخلافات في الرأي بين الصحابة للطعن فيهم وللانتصار لأهوائهم المريضة، فكان مسلسل الحسن والحسين ومعاوية ردا على هؤلاء.
الثاني: أن المسلسل يجسد شخصيات أفضل عند الله من الحسن والحسين وهما طلحة والزبير رضي الله عنهما هذان الصحابيان الجليلان وهما من العشرة المبشرين بالجنة ولا خلاف بين المسلمين أن طلحة والزبير خدما الإسلام أكثر من الحسن والحسين، فلمَ لا نسمع أصوات هؤلاء تتعالى للدفاع عن تجسيد طلحة والزبير؟ إن كان إنكار تجسيد الحسن والحسين لأنهما صحابيان فإنكار تجسيد طلحة والزبير من باب أولى، لأنهما من العشرة المبشرين بالجنة، فما هذا التناقض؟ أو أنه النفاق والكيل بمكيالين؟
الثالث: علق مدير تلفزيون القرآن الكريم على عدم شراء مسلسل "معاوية والحسن والحسين" بـ"عدم رغبة القناة في بثّ عمل يتناول الفتنة بين السنة والشيعة، التي لا تعنينا في الجزائر بأي شكل من الأشكال"، هذا الكلام لا يصدر إلا عن شخص يجهل الخلافات السنية الشيعية أو لديه أوامر يطبقها، منذ متى كان نشر الحق والانتصار لعقيدة أهل السنة والجماعة فتنة؟ منذ متى كان الدفاع عن الصحابة رضوان الله عنهم فتنة؟ منذ متى كان فضح الدجاجلة والكذابين الذين طعنوا في معاوية رضي الله عنه فتنة؟ ممكن يخرج علينا شخص آخر ويقول لا نعرض مسلسل بوعمامة أو فيلم العصا والأفيون أو مسلسلات الثورة لأنها تحدث فتنة مع فرنسا، أو يخرج آخر ويقول إن هذه الأعمال التي تمجّد الثورة التحريرية لا نعرضها لأنها تجرح مشاعر الفرنسيين؟ مع العلم أن الدفاع عن الصحابة رضوان الله عنهم والذبّ عليهم أولى من الدفاع عن الشهداء.
قول مدير التلفزيون "لا تعنينا في الجزائر بأي شكل من الأشكال"، بل الدفاع عن الصحابة يعنينا في كل الأحوال وعلماء أهل السنة والجماعة بعد ظهور الشيعة ردّوا عليهم ودافعوا عن الصحابة مثل أبو حامد الغزالي والرازي والأمدي والإيجي وشيخ الإسلام بن تيمية والهيتمي وغيرهم الكثير... فالعلاقات الطيبة بين الجزائر وإيران لا تبرر في أي حال من الأحوال السكوت عن طعنهم في الصحابة، فالصحابة خط أحمر لا نقبل لأحد مهما كان الطعن فيهم، إيران في حد ذاتها لا تراعي مشاعر الجزائريين، وهذه الدولة الفارسية هي تثير الفتنة. قبل الثورة الخمينية في إيران لم تكن الخلافات على ما هي عليه الآن، من يثير الفتنة هم الشيعة وليس أهل السنة والجماعة، ولو حسبنا عدد القنوات السنية التي ترد على الشيعة وعدد القنوات الشيعية التي تكذب على السنة لعرفنا من يريد الفتنة ومن يريد الإصلاح، كيف والقنوات الإيرانية الرسمية هي التي تولت هذه الحرب على الصحابة رضوان الله عنهم، والطعن في عقيدتنا؟
الرابع: في مصر تعالت بعض الأصوات ضد المسلسل وتباكى الكثير على تجسيد الصحابة، جاز لنا أن نسأل سؤالا بسيطا، أين كان هؤلاء وأين كانت أصواتهم عندما جسد خالد بن الوليد وحمزة بن عبد المطلب وعمار بن ياسر في فيلم الرسالة وهم أفضل من الحسن والحسين؟ أين كانوا عندما عرضت القنوات الشيعية مسلسل يوسف عليه السلام وتم تجسيد نبي من أنبياء الله عز وجل؟ لماذا لم يطلبوا من إدارة القمر الصناعي نيل سات وقف بث القنوات التي تجسد الأنبياء والرسل عليهم السلام؟
خامسا: بالنسبة للشيعة فأغلب الشيعة المنكرين على المسلسل متناقضين والنفاق واضح على تصريحاتهم، قبل بداية عرض المسلسل شنت قناة المنار حملة ضد المسلسل وهم ينكرون تجسيد الحسن والحسين رضي الله عنهما، مع أن قناة المنار عرضت مسلسلات إيرانية تجسد الأنبياء والرسل الذين هم أفضل عند الله من كل الصحابة وليس فقط من الحسن والحسين، صراحة أنا لا أفهم هذا النفاق.